• Sunrise At: 6:06 AM
  • Sunset At: 6:03 PM

Sermon Details

30 ابريل 2001

عموم الرسالة المحمدية

إقرأ الموضوع

شارك الموضوع لمن تحب

…………………………………………………………………………………………

الرسل من قبل الحبيب محمد      نوابه وهو الحبيب الهادى

سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم تختص بعثته بعموم رسالته، وشمول دعوته، فهو رسول المرسلين، ونبى النبيين، وروح لجميع الملائكة المقربين، ومرسل من الله عز وجل للجن والأنس وللعالمين أجمعين، من البدء للختام. وما كانت دعوات المرسلين إلى أممهم إلا باباً من دعوته، وجزءاً من رسالته، بحسب ما تتحمله قوى الناس والرسل فى هذا العصر والوقت، وفى هذا الحيز الذى ظهر فيه بنى هؤلاء القوم ورسولهم.

 فكان النبى – صلى الله وسلم عليهم أجمعين – يرسل إلى قومه خاصة. مثلاً سيدنا موسى عليه السلام قال فى حقه الله:(وَآَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ) (2-الإسراء) رسول لمن؟ لبنى إسرائيل، أما ما حولهم ومن بعدهم من الأمم فى زمانه فليس مكلف بأن يبلغ الرسالة إليهم. وسيدنا عيسى عليه السلام كان يقول: (إنما بعثت إلى خراف بنى إسرائيل الضالة) أى: رسول إلى بنى إسرائيل. وكل رسول أرسله الله فى كتاب الله كان يبين فى رسالته تخصيص دعوته فى لأمته، ولذلك نجد قول الله: (وإذ قال فلان لقومه) يعنى اسم النبى لقومه.

وكذلك نجد فى الزمن الواحد أكثر من رسول. مثلاً سيدنا إبراهيم فى فلسطين، ومعه فى الوقت ابن أخيه سيدنا لوط لقومه أيضا فى الأردن، وكان معه ابنه اسحاق وابن ابنه يعقوب، وكلهم مرسلون فى وقت واحد، وكل واحد منهم إلى أمته، ولم يكلفه  الله عز وجل بأن يبلغ الرسالة إلى أحد غير أمته، حتى أن سيدنا إبراهيم عليه السلام مع أنه أبو الأنبياء- ونحن نعلم من وقائع القرآن والتاريخ- أنه جاء إلى مصر، لكن هل كان له دعوة لأهل مصر إلى الإيمان؟ لا، لأنه غير مكلف بها، والرسالة الوحيدة العمومية إلى جميع البرية، هى رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

هذا الكلام بالنسبة للإنس ولكن لم يكلف أحد من السابقين بعالم الجن، وليس واحد منهم كلف بعالم الملائكة، ولا واحد منهم كلف بعمار العرش وحملته، لكن الرسول الذى أرسل إلى الناس وإلى غير الناس، الذى قال فيه ربه: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا) (28 – سبأ).

فأصبحت دعوته شاملة وكاملة، وعامة إلى الخلق أجمعين. وكما أنه رسول لنا فهو رسول للمرسلين والأنبياء، لأنه هو وحده الذى يقول: (لا إله إلا الله) فقط ، ليس إلا رسول الله، لكن السابقين واللاحقين لابد أن يقرن بها الرسول الذى بلغه عن الله، ونحن نقول: (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، وكذلك سيدنا موسى يقول: (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، وسيدنا عيسى يقول كذلك: (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، وسيدنا إبراهيم: (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، وسيدنا آدم، وجبريل، وميكائيل، وحملة العرش، والحفظة، كلهم يقولون: (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، لأنه رسول المرسلين، ونبى النبيين.

 هذا الكلام فى كتاب الله: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ – ما الواجب الذى عرَّفهم إياه رب العالمين؟ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ-  يعنى لابد أن يؤمنوا به لأنه رسولهم-وَلَتَنْصُرُنَّهُ – المُطَالِبُ لهم بهذه الدعوة هو الله بذاته، ولذلك – قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ) (81-آل عمران). يعنى كل رسول مطالب بأن يؤمن برسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه رسول هذا النبى، وهو نبى هذا النبى، فهو رسول المرسلين ونبى النبيين. وهم كانوا فى مقام حكم دار، أو قائم مقام، أو نائب عام، أو محافظ بالنيابة، عن المصطفى صلى الله عليه وسلم- إلى أممهم، لكن صاحب الرسالة وصاحب الدعوة هو رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 ولذلك الدين عند الله دين واحد، ليس دين ادم ولا إسماعيل، (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) (19-آل عمران) دين واحد، وهم أنفسهم كانوا يوصون أبنائهم وذرياتهم وأتباعهم: (4Ӝ»ururوَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) (132-البقرة).

 

هذا الدين هو الإسلام. ومن الذى جاء بالأسماء يهودية أو نصرانية؟ هم الذين قالوا: (إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ)(156-الأعراف)، لأنهم عادوا إلى الله بعدما تبرموا، وبعد ما سخطوا على قضاء الله، وبعد ما أعلنوا الثورة على سيدنا موسى نبى الله عز وجل. والفئة الثانية هم الذين قالوا: (قَالُوا إِنَّا نَصَارَى) (82-المائدة). وربنا لم يقل كذا أو كذا، كله عند الله مسلم،( مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْل) (78-الحج).

إذن الدين الذى أرسله الله هو دين واحد، هو الإسلام، والنبى الذى أرسله هو نبى واحد، وهو المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام، وبعد ذلك كل استاذ من الأساتذة كان بمثابة نبى أو رسول يرسله الله بتخصص – بفرع بسيط – من الدين يبلغه لقومه.

 كرسى الأخلاق والجالس عليه سيدنا لوط عليه السلام، لم تعجبه أخلاقهم (أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ) (165-الشعراء).  ينهاهم عن اتيان الذكور، ويأمرهم بالزواج من الإناث. كرسى  بسيط من رسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

والذى كان تخصصه كرسى بسيط من مادة المعاملات مثل سيدنا شعيب عليه السلام، (أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ) (181-الشعراء). دعوة فى باب التعامل، أن يوفوا الكيل والميزان، وليس كل الكورس الذى هو فى المعاملات، أبداً بل جزء منه. هذا أم الذى جاء به سيدنا محمد ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ لكن هذا باب صغير جداً.

والذى كان أستاذا فى التوحيد، أى سيدنا نوح عليه السلام، كان كل دعوته يريد منهم أن يوحدوا الله، وليس أكثر من ذلك. لم يقل لهم صلاة ولا زكاة ولا حج ولا شئ، كل الذى يريده منهم أن يعبدوا الله، التوحيد، توحيد الله، وهو كان أستاذاً فى علم التوحيد قبل مزيد التوحيد الذى نزل مع النبى صلى الله عليه وسلم.

ومنهم من أعطاه الله عز وجل تدريس كيفية سياسة الرعية فى المُلك، سيدنا سليمان عليه السلام، جاء يعلمهم كيف يسوسوا الناس، فقال: ) وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) (35- ص). المُلك فقط، لأنه يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس له فى الملك، فاختار هذه الجزئية – المُلك – فلم يطلب ملكوتاً أو عناية، أو مقاماً محموداً، ولم يطلب إلا الملك فقط.

فكان كل نبى يبلغ جزءاً من رسالة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى قومه، على حسب اجتهادهم، وعلى حسب مواعين قلوبهم، حتى اكتملت البشرية، فجاء دين التمام على يد المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم السلام. ولذلك قال صلى الله عليه وسلم – موضحا هذه الحيثية – فى قضيه الأخلاق: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، وضرب المثل فقال: ( مثلى ومثل الأنبياء من قبلى كثل رجل بنى دار، وبقى موضع لبنة فأصبح الناس يطوفون به ويقولون: ما أجمل هذا الدار لولا وضعت هذه اللبنة!! فانا اللبنة التى ختم الله عز وجل بها الأنبياء) لم يقل إنما جئت بمكارم الأخلاق، وإنما قال: جئت (لأتمم) حتى لا ينكر جهود السابقين من قبله، كل واحد منهم جاء بجزء، وإنما جاء صلى الله عليه وسلم ليتم أو يزيد عليها، لا ينقصها، ما جاء لينقص الناموس، إنما جاء ليتمم الناموس على وفق ما اقتضته إرادة القدوس عز وجل.

 فهو وحده رسول المرسلين، وإمام النبيين، والسيد الأعظم للخلق أجمعين، فى الدنيا ويوم الدين.

نسأل الله عز وجل أن يجعلنا فى الدنيا والآخرة من أهل معيته، وأن يحشرنا جميعا فى زمرته، وأن يسقينا جميعاً من حوضه الشريف، شربة هنيئة مريئة لا نظمأ بعدها أبداً، نحن وأولادنا وزوجتنا والمسلمين أجمعين.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

*****************

الحسينات – ديوان الحاج/ محمد جلال – الاثنين 30/4/2001 م      صفر 1422 هـ

 

 

 

Fawzyabuzeid - Copyright 2023. Designed by Fawzyabuzeid