السؤال: كيف أكون صاحب إرادة وعزيمة قوية وأُحدد أهدافي، فأنا شابٌ أبدأ في عملي ولكني لا أكمله حتى نهايته ويُلحقني كسلٌ واللامبالاة؟
————————-
المؤمن يتعامل مع الله، وإذا تعامل مع الله إنصلحت كل أحواله، وإذا نسي التعامل مع الله وبدأ التعامل مع خلق الله يبدأ يتغير، فيُتقن الصلاة لأن فلان يراه، فإذا لم يكن يراه سيتعجَّل فيها. وسيعمل هذا العمل لأن فلان يراه، أو يبتعد عن المعاصي خوفاً أن يراه أحدٌ من الناس – لا، تعامل المؤمن مع الله وهو أساس حياة المؤمن: (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ) (5الحديد). ما دمت أنا مع الله فأنا على يقين وعلى ثقة أن الله سيعطيني كل ما أتمناه مادام لا أخالف شرع الله، لأن الله يقول: (وَمَنْ يَتَّقِ الله يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) (2، 3الطلاق).
ولكنه يحتاج إلى الصبر الجميل، لأنني لا أعلم الخير أين يكون؟!!، فإذا صدق الإنسان، وأحسن التوكل على الله فيجد كل أموره تُيسَّر إن شاء الله.
سيدنا داود عليه وعلى نبيِّنا أفضل الصلاة وأتم السلام، كان مَلِكاً، وكان مشغولاً بعبادة الله، فلما وجد الأمور هكذا ـ والأنبياء يعلموننا النظام ـ فنظَّم الأمور فجعل يوماً لطاعة الله، ويوماً للحكم بين الرعية، ويوماً لمصالحه – لبيته وأولاده. فاليوم الذي كان يعبد الله فيه كان يدخل ويُغلق على نفسه ولا يدخل عليه أحدٌ، ويُخلص في مناجاة الله.
ومن شدة إخلاصه، بعض الملائكة أُعجبوا به فنزلوا وكشفوا أنفسهم له وصاحبوه وبدأوا الكلام معه، وكان عنده شفافية فبدأ يتكلم معهم فعن ماذا يسألهم؟!!، سألهم عن عيبه، فقال لهم: هل فيَّ عيبٌ؟ يريد أن يصلح من نفسه، مع أنه وصل للدرجة العُظمى وهي النبوة والملك ـ فقالوا: لا ليس فيك إلا عيبٌ واحدٌ وهو أنك تأكل من بيت مال المسلمين. وماذا يفعل؟!!، يجب أن يكون لك عملٌ بيدك لتأكل منه، فبدأ وصدق وتوجَّه إلى الله، فعلى الفور ألهمه الله عزَّ وجلَّ بصناعة الدروع، وهو عبارة عن قطعة حديدية صدرية تواجه الصدر وتثبَّت بخيطين في الخلف وتقي المحارب ضربات الأعداء في الحرب. وصناعة تحتاج إلى فرن حراري أو على الأقل كور من كور الحداد لكي تليِّن الحديد، ولكن الله – لصدقِه: (وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ) (10سبأ). عندما يمسك الحديد يلين في يده!!.
وعرفنا ربنا العبرة من هذه القصة: (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى الله) (159آل عمران). فلو صدقت العزم في التوكل على الله سيحقق لك ما تريده، ولذلك يأتيني شابٌ ويقول لي: أنا لا أجد عملاً، فأقول له: أنت عزيمتك غير قوية، فاصدق العزم مع الله. أو يقول آخر: أريد أن أسافر للخارج ولا أجد طريقاً لها، فأنت عزيمتك فاترة وضعيفة وواهنة.
فلو صدقت العزيمة ستجد الحل فوراً، وإذا صدق الإنسان في توكله على الله، وكان عنده يقينٌ في الله فلن يستعصي عليه شئٌ أبداً: (وَمَنْ يَتَّقِ الله يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا) (2الطلاق)، إن كان في الرزق، أو في العلاج، أو في العلم، أو في الزوجة، أو في أى بندٍ من البنود، ويأتيه من سكة لم يحسبها ولم تخطر بباله، ولم يعتقد أن يأتيه شئٌ من هذا المكان نهائياً، لماذا؟ لأنه أحسن الثقة في الله، وأحسن التوكل على مولاه عزَّ وجلَّ. وهذا ما يحتاجه شبابنا في هذا العصر لنفكَّ كل أزماتهم إن شاء الله رب العالمين. والحديث: (احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله)[1].