• Sunrise At: 4:54 AM
  • Sunset At: 6:59 PM

Sermon Details

7 نوفمبر 2015

كيف يمكن إستثمار طاقات الشباب؟

إقرأ الموضوع

شارك الموضوع لمن تحب

……………………………………………………………………………..

السؤال الثاني: الشباب هم أمل الأمة، ومستقبلها الواعد، بم تنصح فضيلتكم أبناءك الشباب؟ وكيف يمكن إستثمار طاقاتهم لأنفسهم ولأمتهم؟ وما مدى إهتمام الدين ممثلاً في سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلَّم بالشباب؟

———————–

الجواب: الرسول صلى الله عليه وسلَّم علَّم الأمة وهذا للشباب وغير الشباب، أن الإنسان إذا أراد أمراً من أمور الدنيا مهما كان شأنه، لابد أن يضع له خطة سليمة، ويدرسه من كل نواحيه قبل البدء فيه، مع الإستعانة بالله، ومع أخذ التوفيق من مولاه، لكن لابد أن يخطط له، وضرب لنا أمثلة لا تُعد ونكتفي بمثالٍ واحد:

الرسول صلى الله عليه وسلَّم كان خارجاً إلى الهجرة، وقبل الهجرة بأيامٍ قليلة كان قد ذهب في رحلة للإسراء والمعراج، من مكة إلى بيت المقدس وصلى بالأنبياء، ثم إلى السماوات سماءً تلو سماء، وقد قال في مساحات الزمن بين كل سماء وعرض كل سماء قال صلى الله عليه وسلَّم: (عرض كل سماء مسيرة خمسمائة عام، وبين كل سماء وسماء مسيرة خمسمائة عام)[1].

تجاوز كل هذه السماوات، ووصل إلى سدرة المنتهى، ثم قاب قوسين أو أدنى، ورجع وفراشة الذي كان ينام عليه لم يبرد بعد. أفلا كان يستطيع أن يصل من مكة إلى المدينة في طرفة عين وأقل؟!!، هل كان هناك مانع؟ أفلا يستطيع أن يدعو الله أن يأتي له بالبراق وكالبرقٍ يكون في المدينة؟ ولكنه أراد أن يضرب المثل والقدوة لإخوانه المؤمنين. كان يستطيع أن يهاجر ظاهراُ أمام أهل مكة ولن يستطيعوا أن يصلوا إليه، لأن الله قال له: (وَالله يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) (67المائدة). لكن لو عمل ذلك فكل الشباب كان سيفعل ذلك فيتعرضون للأذى، لكنه إختار لنا المنهج الذي قال فيه: (سيروا على قدر ضعفائكم)[2] ، أنظروا للضعيف كيف يمشي وامشوا على قدره.

ووضع الخطة المحكمة، يخرج من البيت ويتوجه إلى الغار، ويمكث في الغار ثلاثة أيام حتى يهدأ القوم، ورتَّب أمر الدليل وكان كافراً، ورتَّب الناقتين اللتين سيركبهما هو والصديق، ورتب في أيام الغار من يأتيه بالأخبار ومن يأتيه بالطعام الطازج، ولم يأخذ طعام معلبَّات أو شيء آخر ولكن طعام طازج كل يوم، ومن يمشي في الروحة والغدوة ليزيل آثار الأقدام، رتب كل هذا الترتيب لماذا؟

علمنا أنه لا نجاح للمرء إلا بالتخطيط السليم، دولة تريد النجاح تُخطط تخطيطاً سليماً، أو شاب يريد أن يبدأ حياته يخطط تخطيطاً سليماً.

يريد أن يتزوج يضع خُطة محكمة، يريد أن يبني بيتاً يضع خطة محكمة، يريد أن يشتري شقةً يضع خطة محكمة، أى أمرٍ يريده الإنسان في حياته ودنياه أو أى أملٍ يريد تحقيقة لابد له من خطة محكمة. والجماعة الذين يقولون: – خليها بالبركة – فهذه ليست بركة ولكنها عشوائية ولابد لها من التخطيط.

أنا أريد أن أسافر للقاهرة الآن، لابد من التخطيط، هل أسافر بالقطار وما المواعيد؟ وكيفية الحجز لأضمن، لكن أريد السفر للقاهرة أذهب مباشرةً للقطار أو لغيره، فهل هذا نظام إسلامي؟ لا، إلا إذا كان لضرورة والضرورات تبيح المحذورات، لكن النظام الإسلامي هو التخطيط السليم.

أنا رجل موظف وليس لي دخلٌ إلا وظيفتي، والإنسان أثناء الوظيفة يكون الراتب إلى حدٍ ما كبير، وبعد الوظيفة الراتب يكون ليس له قيمة مع كثرة الحاجات، لأنه عند كبره تزيد الأمراض والعلل ويحتاج إلى أدوية وعلاجات من غير حد، فماذا أفعل؟

لابد أن أخطط لنفسي بحيث لا أحتاج في هذا الظرف ولا أقول: يا بني وأغضب منه، أو يا بنيتي، لا أكفي نفسي لأن هذا النظام الإسلامي الذي وضعه نبي الإسلام صلى الله عليه وسلَّم. هذا التخطيط السليم ينبغي أن يُبنى على أن لا أشتري بالتقسيط إلا مضطراً، للضرورة القصُوى، وأن لا أستدين إلا في أضيق الحدود للضرورة القُصوى، والمؤمن دائماً حريصٌ أن لا يذل نفسه، والديْن كما قيل: (همٌ بالليل ومذلةٌ بالنهار) ، كم من المسلمين موجودين في هذه الذلة الآن؟ هل هذا نظام رسول الله؟ ولا الصحابة الكرام؟ ولا السلف الصالح؟ ولا الصالحين حتى في عصرنا هذا؟ لم يفعلوا ذلك، وكلهم ماشيين على هذا المنهاج، لماذا؟، (وَلله الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) (8المنافقون).

هذا هو المنهج الذي نأخذه، وأنا قد أخذت بهذا التخطيط السليم في حياتي والحمد لله، وأصبحتُ بحمد الله عزيز النفس على كل خلق الله حتى على أولادي أُعطيهم على الدوام ولا أحتاج منهم شيئاً على مدى الأيام، لماذا؟ أيضاً بالتخطيط السليم. ذاهب لمريدين أو ذاهب لبلد أو إلى هنا أو إلى هناك فلستُ محتاجاً لشيء، والمعين أعانني ووفقني لهذا الأمر.

فشبابنا كله ينبغي أن يلاحظ أن تكون كل آماله لابد لها من تخطيط سليم. تخطيط سليم مع نية صادقة وعزيمة أكيدة، يأتي العون من الله ويتحقق الأمل بفضل الله جل في علاه. وتكفينا هذه الوصية إن شاء الله.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم

*********************

[1] رواه الإمام أحمد وأبوداود والترمذي وغيرهم كثير عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضي الله عنه قَالَ :كُنَّا جُلُوسًا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَطْحَاءِ، فَمَرَّتْ سَحَابَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَتَدْرُونَ مَا هَذَا؟)، قَالَ : قُلْنَا: السَّحَابُ، قَالَ: (وَالْمُزْنُ)، قُلْنَا: وَالْمُزْنُ. قَالَ: (وَالْعَنَانُ)، قَالَ: فَسَكَتْنَا، فَقَالَ: (هَلْ تَدْرُونَ كَمْ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ؟)، قَالَ: قُلْنَا اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: بَيْنَهُمَا مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ سَنَةٍ، وَمِنْ كُلِّ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ سَنَةٍ، وَكِثَفُ كُلِّ سَمَاءٍ مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ سَنَةٍ).

[2] روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لأَتَأَخَّرُ عَنْ صَلاةِ الْغَدَاةِ مِنْ أَجْلِ فُلانٍ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا. قَالَ: فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَدَّ غَضَبًا فِي مَوْعِظَةٍ مِنْه يَوْمِئِذٍ، فَقَالَ:يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ، فَمَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيُوجِزْ، فَإِنَّ فِيهِمُ الضَّعِيفَ وَالْكَبِيرَ وَذَا الْحَاجَةِ).

……………………………………………………………………………..

     الجمعة 7/11/2015م الموافق 25 المحرم 1437هـ ندوة دينية (جـ2) بنقابة الزراعيين ـ الأقصر

Fawzyabuzeid - Copyright 2023. Designed by Fawzyabuzeid