أنشد الأخ الحاج/جابر عباس قصيدة للإمام أبى العزائم رضى الله عنه، يقول فيها:
يا خير رسل الله أنت وسيلتى تدارك حبيبى أمة العدنان
فعقب فضيلة الشيخ قائلاً:
وصل حالنا معشر المسلمين إلى حال ليس لنا فيها إلا الله ورسوله، وصدق فينا قول رب العزة: ( لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ كَاشِفَة)(58- النجم)، فإن أهل الغرب، إن كانوا أهل أوربا أو أهل أمريكا، أو روسيا أو غيرهم، وإياكم أن تثقوا فى وعودهم، أو أن لديهم مبادئ إنسانية، أو حضارة للإنسانية. هذا الكلام يضحكون به علينا، فهم يعيشون هناك، تجدهم كمظاهر الغابة، فهم حيوانات ولكن فى ملابس آدمية وتمشى على رجليها، فالغلبة للقوى، والضعيف فيهم ليس له شأن ولا مكان. وإذا كانوا لا يطبقون هذا الأمر عندهم، فكيف يطيقوه عندنا؟!!
لا يوجد إنسان يتوسم فيه الخير – إذا صارت له سيطرة أو هيمنة على العالم – إلا الإنسان المؤمن بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً. لماذا؟ لأن قيمه وقيم دينه، ومبادئ القرآن ووصايا حبيبه صلى الله عليه وسلم تحكم عليه أن يكون كذلك. لم نسمع عن قائد فى العالم كله أمر الجند وقال لهم: لا تقتلوا امرأة، ولا تقطعوا شجرة، ولا تهدموا بيتاً، ولا تؤذوا شيخاً كبيراً، وستجدون أناساً فى الصوامع فرَّغوا أنفسهم للعبادة فلا تتعرضوا لهم. لم نسمع أحداً قال بهذا إلا أبو بكر الصديق رضى الله عنه، لأنه رأى مع الحبيب صلى الله عليه وسلم فى إحدى الغزوات – رأى امرأة مقتولة، فغضب صلى الله عليه وسلم غضباً شديداً، وخاطب جنده وجيشه بلهجة شديدة، وكان فى جملة ما قاله لهم: ( ألم أنهكم عن التعرض للنساء؟)
هذا هو الدين الوحيد الذى لا يسمح لمقاتل مهما كان شأنه أن يهتك عرض امرأة من الأعداء ولو كانت كافرة لم تسلم، لأنها لا تحل له، لأننا أمة قامت بحفظ الحقوق، وإظهار عدالة السماء فى كل بقاع الأرض. ماذا نفعل الآن؟
علينا أن نقبل قلباً وقالباً على الله، ونتوسل إليه ونتضرع إليه بحبيبه ومصطفاه، فإن الله عز وجل ينصر من توسل إليه فى النصر بحبيبه ومصطفاه. حتى أن اليهود – قبل بعثته صلوات الله وسلامه عليه – سكنوا فى المدينة، لأن كتبهم أنبأتهم بأن هذا المكان موطن دار هجرته، ويحكى لنا التاريخ وكتاب الله عز وجل، أنهم كانوا إذا حدث بينهم وبين بعض القبائل العربية حرب، قالوا: (اللهم بحق النبى الذى سترسله فى آخر الزمان انصرنا عليهم) ، فينصرهم الله عليهم. ( وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ ) (89- البقرة) وأنهم كانوا ينصرون بالتوسل بحبيب الله ومصطفاه.
والعرب كانوا قبل بعثته قبائل متفرقة وضعيفة، ليس لهم وزن فى عالمهم وعصرهم، فحدثت حرب بين قبيلة من العرب – تسمى قبيلة بنى بكر بن وائلة – والفرس، والفرس تعتبر أقوى الدول هى والروم، وقبيلة ماذا تفعل مع الفرس؟ كان هذا فى وقت الرسول صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على الناس فى الأسواق بالرسالة التى كلفه بها الله عز وجل، وكان زعيم هذه القبيلة رجل كبير لا يستطيع السفر فيجالسوه ويقصون عليه ما حدث فى أسواق العرب، فقالوا له: إن هناك رجلاً من بنى عبد المطلب يدعو إلى كذا وكذا – والرجل كان عاقلاً ولبيباً وحازماً – فقال: ما تقولها مُطَّلِبىّ بالكذب قط، لا يوجد أحد من بنى عبد المطلب يكذب.
ولما حانت المعركة بينه وبين جيش الفرس، كانوا فى خوف شديد، لأنهم قليل، ولم يكونوا مثل كتيبة واحدة من جيش الفرس المجهزة بالسلاح والمدربة عليه، فقال زعيمهم: ما اسم الرجل الذى لقيتموه فى سوق عكاظ؟ قالوا محمد – صلى الله عليه وسلم، قال: اجعلوه شعاركم فى حرب الفرس.
كان الشعار الذى يهتفون به: يا محمد، يا محمد، يا محمد. فكانت أول واقعة، وأغرب واقعة، ينتصر فيها العرب على الفرس، فكان لها رد فعل فى العالم كله. فقال صلى الله عليه وسلم: ( بى نصروا) بأى شئ؟ باسمه – صلى الله عليه وسلم. ( بى نصروا ) انتصروا باسم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
اللهم بحق نبيك ومصطفاك، وبجاهه عندك، انصرنا على اليهود الغادرين فى هذا العام، واجعله عام نصر وتمكين للمسلمين، واحفظ إخواننا المسلمين فى فلسطين من بأسهم وكيدهم، وطهر بيت المقدس من شرورهم وآثامهم، وأوقع الكافرين فى الكافرين، وأوقع الظالمين فى الظالمين، وأخرج المسلمين من بينهم آمنين مطمئنين يا رب العالمين، حتى نكون لك من عبادك الذاكرين الشاكرين، نذكرك ذكراً كثيراً لأنك تفضلت علينا بالنصر المبين.