• Sunrise At: 4:54 AM
  • Sunset At: 6:59 PM

Sermon Details

3 اكتوبر 2015

ما آداب الجلوس فى المساجد؟

إقرأ الموضوع

شارك الموضوع لمن تحب

آداب الجلوس في المساجد

السؤال: ما حكم الدين فيمن يجلس في المسجد يتحدَّث بصوتٍ عالٍ ويطلب شاي أوقهوة وواضعٌ قدمٌ على قدم كأنه جالسق في مقهى؟

ما آداب الجلوس في المساجد؟

—————————

الجلوس في بيت الله … من يذهب إلى بيت الله لابد أن يتأدب بالأدب الذي وضعه الله – البروتوكول الذي وضعه الله للجلوس في بيته. فصاحب البيت له بروتوكول!!، وأنا إذا عزمت على زيارته أسأل عن نظام بروتوكوله في بيته حتى أمشي على بروتوكوله، رئيس الجمهورية عندما يذهب لزيارة دولة، يرسل لجنة متخصصة في البروتوكول ليعرفوا ما بروتوكول هذه الدولة.

فملك الملوك عزَّ وجلَّ جعل بروتوكولاً لبيته سبحانه وتعالى. حضرة النبي صلَّى الله عليه وسلَّم ذكر بعضها على ضوء الآية لماذا نذهب لبيت الله؟ … لنعمِّره: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ الله مَنْ آَمَنَ بِالله وَالْيَوْمِ الاخِرِ) (18التوبة).

نذهب لبيت الله لنعمِّر بيت الله، فبمَ نعمِّره؟ … نعمره بذكر الله، وبدروس العلم النافع، وبتلاوة القرآن، وبالاستغفار، وبالصلاة على حضرة النبي صلى الله عليه وسلَّم، ولا مانع من مجالس الصُلح بشرط أن لا يكون فيها عُلو أصوات ولا تناشح، ولا ذكر ألفاظ لا تليق في بيت الله عزَّ وجلَّ، ونعمل فيها أفراح لكي يُبارك وتباركه الملائكة: (اعلنوا هذا النكاح، واجعلوه في مساجدكم، واضربوا عليه بالدفوف، يُبارك لكم فيه)[1]. ونحن في المسجد لا نرفع الصوت، ولا نحدث تشويشاً، ولا شيئاً يخالف تعاليم الإسلام.

هذه المساجد ماذا نمنع فيها؟ قال صلى الله عليه وسلَّم: (جنبُّوا مساجدكم صبيانكم)[2] – الصبي الذي لم يبلغ سبع سنين، وحتى لو بلغ ولكن لا يعرف الوضوء والطهارة أيضاً لا تُدخله المسجد. يقول أبوه: أنا آتي به للمسجد لأعلمه، لا، لأن أمه تريد أن تتخلص من مشاكله فتقول لك: خذه معك للمسجد، حتى تستريح منه لأنه يأتي ولا يعرف شيئاً من أدب المسجد، فيمشي بين صفوف المصلين ذهاباً وإياباً، وبعضهم أحياناً يركب على أحد المصلين في سجوده، وبعضهم – وهي الطامة الكُبرى – لا يلبس حفاضة ويتبول في المسجد، فكيف نصلي بعد ذلك فيه والذي يجب أن يكون طاهراً؟!!.

السيدة فاطمة النبوية لأن أولادها كانوا يذهبون للمسجد ويجلسون على حجر النبي، وأحياناً يعتلون ظهره الشريف وهو في الصلاة، لأنه قد عودَّهم على ذلك، لأنه كان في بيته يعمل نفسه جملاً ويركبون على ظهره ويمشي بهم، فرآهم سيدنا أبو بكر فقال: نعم الجمل جملكما، فحضرة النبي قال له: (ونعم الراكبان هما)[3]. فتعودوا على ذلك يرتحلونه في المسجد، فماذا تفعل السيدة فاطمة؟!!. وهم أبناء ثلاث سنوات علَّمتهم الطهارة والوضوء، حتى لا يذهبون لحضرة النبي إلا على طهارة كاملة ووضوء.

فلابد أن يكون عندنا غيرة لبيت الله، فالولد يجب أن يعرف الطهارة والوضوء وأدب الجلوس في بيت الله، فلا يجري ولا يلعب ولا شئ من ذلك. فلو أردنا أن نجلب الأولاد للمسجد فلا مانع، ونستطيع أن نعمل حضانة في آخر المسجد ونضع الولد الذي تريد أن تتخلص منه أمه في الحضانة حتى ننتهي من الصلاة، ثم يخرج لبيته مع أبيه، لكن المسجد لمن يلتزمون بآداب المسجد لله عزَّ وجلَّ.

(جنبوا صبيانكم مساجدكم ومجانينكم) – أيضاً المجنون لا يدخل المسجد، (ورفع أصواتكم) – لا ينبغي رفع الصوت في مسجد الله. إذا كان ربنا قال عن حضرة النبي: (لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ  بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) (2الحجرات). فكيف ببيت الله؟!!، إذا كان هذا مع حضرة النبي، فكيف يكون مع حضرة الله عز وجل؟!!. فرفع الصوت يُحبط العمل في الله عزَّ وجلَّ. فإذا أردنا أن نتناقش ونرفع أصواتنا، نقول: هيا بنا نخرج خارج من المسجد ونتكلم كما نشاء، فنجلس على بورصة أو كافيه أو في الطريق، لكن في بيت الله؟ فلا: (وَخَشَعَتِ الاصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلا تَسْمَعُ إِلا هَمْسًا) (108طه). حتى الكلام فيما بيننا يكون همساً، فلا ينادي أحدٌ على أحدٍ بصوتٍ عالٍ، أدباً مع الله في بيت الله عزَّ وجلَّ.

(جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم ورفع أصواتكم وأسلحتكم): فلا ندخل المسجد بأي سلاح أياً كان، حتى ولو كان خنجراً أو مطواةً أو حتى مقصاً، حتى يكون من دخله آمناً، فلا يدخله أى شيئاً من هذه الأشياء حتى الصاعق أو حتى شيئ قديم أو حديث، كل شئ يمت للسلاح فلا يدخل بيت الله عزَّ وجلَّ.

(وبيعكم وشرائكم): جاء رجلٌ ذات مرة ينادي على تجارة في المسجد، فالنبي قال له: (لا أربح الله تجارتك)[4]. وهل هذا مكان تجارة؟!! فأخرج خارج المسجد ونادي بما شئت. ورجلٌ آخر كان ينادي ذات مرة على ضالة، فقال له النبي: (لا ردَّ الله لك ضالتك)[5]. أُخرج نادي عليها في الخارج،

فما وظيفة المسجد إذن؟ المسجد للآذان، ولتعليم دين الله، ولتلاوة كتاب الله، والأعمال التي يحبُّها الله عزَّ وجلَّ، فهذا ما نهى عنه الله ونهى عنه رسول الله.

ما الآداب التي يريدها ربنا منا؟. قال: (طوبى لعبدٍ تطهَّر في بيته ثم زارني في بيتي – جاء هنا ليزور ملك الملوك عزَّ وجلَّ – وعلى المزور أن يكرم زائره)[6].

من جاء إلى هنا .. جاء ليكرمه ربنا، فماذا يقدم له؟!!، هل يقدم له مشروباً بارداً أو يقدم له مشروباً ساخناً؟!!!، لا، .. يقدم له شيئاً نافعاً له في قلبه!! فينزل عليه السكينة: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ) (4الفتح). ويطمئن قلبه: (أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (28الرعد). يزيده هدىً: (وَيَزِيدُ الله الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى) (76مريم). يستجيب له الدعاء، ويحقق له الرجاء، .. فكل هذا إكرامات الله عزَّ وجلَّ لمن أتى إلى بيت الله سبحانه وتعالى. نسأل الله عز وجل أن يؤدبنا في بيته أجمعين.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم

*************************

 

[1] رواه الترمذي عن عائشة مرفوعاً ولفظه: ( أعلنوا النكاح، واجعلوه في المساجد، واضربوا عليه بالدفوف). ورواه أحمد والطبراني عن الزبير رضي الله عنهم.

[2] رواه ابن ماجه في سننه عَنْ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:”جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ صِبْيَانَكُمْ وَمَجَانِينَكُمْ، وَشِرَاءَكُمْ وَبَيْعَكُمْ، وَخُصُومَاتِكُمْ وَرَفْعَ أَصْوَاتِكُمْ، وَإِقَامَةَ حُدُودِكُمْ وَسَلَّ سُيُوفِكُمْ، وَاتَّخِذُوا عَلَى أَبْوَابِهَا الْمَطَاهِرَ، وَجَمِّرُوهَا فِي الْجُمَعِ) .

[3] الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني إسناده متصل، رجاله ثقات عن أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ: أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ سَاجِدًا ، فَرَكِبَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عَلَى ظَهْرِهِ ، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : نِعْمَ الْمَطِيُّ مَطِيُّكُمَا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَنِعْمَ الرَّاكِبَانِ هُمَا).

[4] روى الترمذي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك).

[5] مسلم والترمذي وأبو داود وابن ماجة. وفي عمل اليوم والليلة عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاةَ الصُّبْحِ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: مَنْ دَعَا إِلَى الْجَمَلِ الأَحْمَر، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا رَدَّ اللَّهُ عَلَيْكَ ضَالَّتَكَ).

[6] روى أبو نعيم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

………………………………………………………………

الجمعة 3/10/2015م الموافق 26 ذي الحجة 1436ه                مسجد النور – حدائق المعادي – القاهرة

Fawzyabuzeid - Copyright 2023. Designed by Fawzyabuzeid