الاستغفار قد يكون من ذنب قد عمله الإنسان، وهذا الاستغفار يقتضي أن الإنسان يستحضر هذا الذنب في نفسه، ويشعر بالأسى والأسف والخزي من ربِّه عزَّ وجلَّ، فيندم على ما فعل، ثم يعاهد الله عزَّ وجلَّ ويصمم في نفسه أن لا يعود إلى هذا الذنب أبداً، ويتوب إلى الله عزَّ وجلَّ ويُكثر من الاستغفار، حتى يدخل في قول الله عزَّ وجلَّ: ﴿ًفَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ﴾[70لفرقان].
وهناك استغفار من رؤية التقصير في الطاعات، لا يوجد إنسان مهما كان شأنه يستطيع أن يُوفِّي بما وجب عليه من طاعة لله عزَّ وجلَّ، ولذلك كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقومون الليل، ووصف الله قيامهم فقال: ﴿كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ. وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾[17، 18الذاريات].
أي لا ينامون إلا جزءاً قليلاً، ماذا يصنعون؟ قائمون لله عند السحر في طاعة الله، والسحر هو الوقت قبل آذان الفجر مباشرةً. ومما يستغفرون؟ يستغفرون من رؤية التقصير في هذه الطاعة، أي أنهم يرون أنهم لم يوفوا لله حقّا في الطاعات التي ينبغي أن يقوم بِها العبد لحضرته، أو يرون أن أعمالهم فيها تقصير، فقد يكون فيها شيءٌ من الغفلة، وقد يكون فيها شيءٌ من السهو، وقد يكون فيها شيءٌ من النسيان، فيستغفرون الله عزَّ وجلَّ من ذلك كله.
وورد أيضاً أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يستغفرون الله تعالى عقب الصلوات المفروضات ثلاث مرات ويقولون: (نستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ونتوب إليه) وهذا الاستغفار من التقصير في الصلاة، وكلنا مقصرون إلا إذا تداركتنا رحمة الله عزَّ وجلَّ.
وهناك استغفار لقضاء الحاجات وقد جمعهم الله عزَّ وجلَّ في سورة نوح وقال فيه الله: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ﴾ – ثم ذكر الله لنا عزَّ وجلَّ لنا الأشياء التي تُقضى بالاستغفار، أولها المغفرة وهى تتعلق بالدار الآخرة: ﴿ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا﴾،ثم نزول الماء من السماء: ﴿يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا﴾،ثم إمداد الأموال للفقير، وإيجاد الولد لمن لا يُنجب: ﴿وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ﴾، ثم بزيادة الخيرات في الأرض الموجودة: ﴿وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا﴾[10: 12نوح].
وفى ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً بالإضافة إلى هؤلاء: {مَنْ لَزِمَ الاستغفار، جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} (سنن أبي داود وابن ماجة والبيهقي عن ابن عباس).
الحلقة السابعة من برنامج أسئلة جائرة وإجابات شافية لفتاوى فورية: الزقازيق – قرية كفر العلماء – مركز فاقوس – أبو كبير 16من محرم 1434هـ 30/11/2012م