• Sunrise At: 6:06 AM
  • Sunset At: 6:03 PM

Sermon Details

30أكتوبر2015

ما الدرس الذى يستفيد منه الشباب فى هذا الزمان من الهجرة؟

إقرأ الموضوع

شارك الموضوع لمن تحب

   …………………………………………………………..      

السؤال: ما الدرس الذي يستفيده الشباب في هذا الزمان من الهجرة؟

——————

أن الإنسان إذا كان له مبدأ وأصَّر عليه، وهذا المبدأ يوافق عليه شرع الله ويتأسى فيه بحبيب الله ومصطفاه، فإن الله عزَّ وجلَّ لابد وأن يؤيده وينصره ويحقق له أمله كما فعل مع حبيبه ومصطفاه، فلا ييأس، ولا يحاول أن يصيبه وهنٌ أو ضعفٌ أو فتور ما دام يؤمن بهذا المبدأ، فعليه أن يستأسد في سبيل الدفاع عنه.

فإن الرسول صلى الله عليه وسلَّم كان بمفرده، وأراد أهل مكة أن يثنوه عن دعوته، وعرضوا عليه العروض، وأرسلوا إليه: إن كنت تريد بما أتيت به ملكاً ملَّكناك علينا، وإن كنت تريد بما جئت به مالاً جمعنا لك أموالاً حتى تكون أغنانا، وإن كان الذي بك رئيًّا من الجن – مسَّاً من الجن – أحضرنا لك الكهان والأطباء حتى يعالجوك. ولكنه صلى الله عليه وسلَّم أعرض عن ذلك وأصرَّ على دعوته وعلى مبدأه في الدعوة إلى الله عزَّ وجلَّ.

فأرسلوا إليه عمُّه فقال: يا ابن أخي، لا تحملني فوق طاقتي – أنا لم يعد معي أحد يدافع عنك، فكلهم تخلوا عني حتى أعمامك كلهم تخلوا عني، فقال يا عماه: (والله لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري، على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يُظهره الله أو أهلك دونه)[1]. ما المبدأ هنا؟ يعد كل شاب، فما دُمت آمنت بالمبدأ الإلهي يوافق الشرع الإلهي ويتأسى بحضرة النبي، فإياك أن تتراجع، فإن الله عزَّ وجلَّ لو رأى صدقك لابد وأن يؤيدك ويساندك ويُعززك ويُحقق لك كل ما ترجوه من الله عزَّ وجلَّ.

ونحن والحمد لله أملنا في هذه الحياة أن نصل إلى درجة المعرفة بالله عزَّ وجلَّ، فلا تجعل أملك في الفاني، فإن كان أملُك في عمارة فسيأتيها زلزال فيفنيها، ولو كان أملُك في مال فالمال يأتي اليوم ويذهب في اليوم الثاني، وفي ماذا يكون أملك؟  يكون أملك في شيء باقٍ، وأحسن أملٍ يأمله الإنسان في هذه الحياة أن يعرف الله حقَّ معرفته، وأن يدخل في قول الله: (شَهِدَ الله أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ) (18آل عمران). أن يكون من جملة هؤلاء: (قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (18آل عمران). قيل للإمام عليٍّ رضي الله عنه: أكنت تتمنى أن تموت صغيراً؟، قال: ((لا، لأني كبرتُ وعرفت ربي، وما كنت أوَّد أن أموت قبل أن أعرف ربي عزَّ وجلَّ)).   

ما أغلى أمل؟!!، هو أن يعرف الإنسان الله المعرفة اليقينية: (كَلا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ) (5التكاثر)، أو عين اليقين، أو حق اليقين، فيعرف الله عزَّ وجلَّ المعرفة اليقينية الشهودية، فيشهد قول الله عزَّ وجلَّ: (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ) (21الذاريات)، وفي قراءة: (وفي أنفسكم أفلا تبصرونه)، (سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ) (53فصلت). نسأل الله عزَّ وجلَّ أن يبلغنا هذا الأمل أجمعين.

وصلىى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

[1] السيرة لابن هشام: (أن قريشا حين قالوا لأبي طالب: يا أبا طالب إن لك سنا و شرفا و منزلة فينا ، و غنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنا ، و إنا و الله لا نصبر على هذا من شتم آبائنا ، و تسفيه أحلامنا ، و عيب آلهتنا ، حتى تكفه عنا ، أو ننازله و إياك في ذلك ، حتى يهلك أحد الفريقين ، او كما قالوا له، بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له : يا ابن أخي، إن قومك قد جاءوني فقالوا لي كذا وكذا، للذي كانوا قالوا له، فأبق علي وعلى نفسك، ولا تحملني من الأمر ما لا أطيق؛ قال: فظن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قد بدا لعمه فيه بداء أنه خاذله ومسلمه، وأنه قد ضعف عن نصرته والقيام معه. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا عم، والله لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري، على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله، أو أهلك فيه، ما تركته)، قال: ثم استعبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكى ثم قام، فلما ولى ناداه أبو طالب فقال: أقبل يا ابن أخي، قال: فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اذهب يا ابن أخي، فقل ما أحببت، فوالله لا أسلمك لشيء أبدا)، وانظر كذلك الروض الأنف.
…………………………………………………………..

     الزقازيق بعد صلاة الجمعة 30/10/2015 الموافق 17 المحرم 1437هـ

Fawzyabuzeid - Copyright 2023. Designed by Fawzyabuzeid