سؤال: ذكرت فضيلنكم سابقاً أن الإنسان يموت ولم يستغل كثيراً من طاقاته قبل موته، نرجو إلقاء الضوء على هذه الطاقات التي لم تستغل؟ وكيف يستغلها الإنسان؟
===============================
طاقات الإنسان التي أوجدها فيه الله لا نهاية لها، يكفي الإشارة إليها في قول الله: ﴿إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ﴾[65الأنفال]. أي أن الواحد بعشرة إذا ظهرت طاقاته.
والعلم الحديث أثبت ذلك، فإن الله عزَّ وجلَّ خلق كل شيء في الإنسان زوجين اثنين، يعمل ببعض واحدة منها، والباقي لا يعمل، فكل إنسان على سبيل المثال له كليتين، وعلماء المسالك البولية يقولون أن الإنسان يستطيع أن يعيش بعشر كُلى واحدة!!
والعقل الذي أعطاه الله عزَّ وجلَّ للإنسان قال فيه العلماء الروس في مؤتمر عام عقدوه للقشرة المخية – والتي فيها الذاكرة، وفيها الفكر، وفيها التصور، وفيها الإدراك، وغير ذلك – فقالوا فيها: إن جميع العظماء وأهل المواهب من العلماء – قديماً وحديثاً، إن كان القدماء المصريين، أو اليونانيين، أو الهنود، أو الصينين، أو آينشتين، وغيرهم – كل هؤلاء لو جُمع ذكاؤهم لا يُعادل واحد على خمسمائة من القشرة المخية لأي إنسان!! كل ما جاء به هؤلاء من اكتشافات وابتكارات ومواهب واختراعات لا يساوي واحد على خمسمائة من القشرة المخية لأي إنسان في هذا الوجود!!!
فقوى الإنسان خلقها الله عزَّ وجلَّ، لكن الإنسان لا يستخدم منها إلاَّ قدراً ضئيلاً من قواه الظاهرة. أما القوى الباطنة فإن الله عزَّ وجلَّ أعطى لكل واحد منا نُوراً في قلبه وفؤاده يستطيع أن يتعامل به في الدنيا مع الناس: ﴿أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ﴾ [122الأنعام].
هذا النور يكشف له ما في الصدور، ويُبين له غيوب المعالم الإنسانية في الحياة الآدمية، بواسطة هذا النور يستطيع أن يعرف ما وراء الكلام من نوايا وخفايا: ﴿وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ﴾[30محمد].بواسطة هذا النور يستطيع أن يعرف ما يدور في عيون الآدميين: ﴿فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ﴾[30محمد].بواسطة هذا النور يستطيع أن يعرف ما في الصدور: ﴿وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ﴾[10العاديات].كم من عباد الله استخدم هذا النور؟ أقل القليل.
أعطاه الله عزَّ وجلَّ روحاً إذا أُطلقت من عِقَالِها في المنام يرى نفسه يطوف في عوالم الله الظاهرة والخفية، فقد يذهب إلى الكعبة، وقد يذهب إلى الجنة، ويرى حقائق، هل هو أطلق عقال روحه وجعلها تعود عليه بلطائف الحكمة، وغرائب الأنوار، وطُرف الأسرار التي هيئها لها الله عزَّ وجلَّ على يد الحبيب المختار صلى الله عليه وسلم؟ أبداً، معظم الخلق ينتقل إلى الدار الآخرة وروحه ربما لم تَرَ إلاَّ رؤيات منامية قليلة يراها أي إنسان حتى البعيد عن حضرة الرحمن عزَّوجلَّ.
إذاً قوى الإنسان الظاهرة والباطنة لا عدَّ لها ولا حدَّ لها، وهذا أمْرٌ طويل يحتاج إلى تفصيل.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
********
الحلقة الثانية عشر من برنامج أسئلة حائرة وأجوبة شافية لفتاوى فورية