• Sunrise At: 4:55 AM
  • Sunset At: 7:00 PM

Sermon Details

6 مارس 2020

ما الفرق بين العلم و و العلم الوهبى؟

ما الفرق بين العلم و و العلم الوهبى؟

شارك الموضوع لمن تحب

السؤال الأول: ما الفرق بين العلم والعلم الوهبي؟ وكيف نتحصَّل عليه؟

العلم الوهبي يكون فهماً جديداً لم يرد في الكتب، أو في السماع عن العلماء السابقين في آيات الله أو في أحاديث رسول الله، فلم يرد هذا الفهم في كتب التفاسير المعتمدة، أو في كتب شرح الأحاديث، أو عن العلماء السابقين، وشرطه أن لا يخالف شريعة الله.

فمتى يكون علم وهبي صحيح؟ إذا لم يخالف شريعة الله، لكن إذا خالف شريعة الله نضرب به عرض الحائط، وهذا لا يكون علماً وهبياً، ولكنه علمٌ شيطاني والعياذ بالله تبارك وتعالى.

كلنا يقرأ القرآن، ولكن كل واحد منا يأتيه من فضل الله بيان في آيات القرآن، فإذا كان هذا البيان بيان طيب ولم يسبق به فهذا إلهام من الله تبارك وتعالى له: ” آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا ” (65الكهف) فهذا العلم الوهبي.

السؤال الثاني: ما الفرق بين الولي، والولي المرشد؟

الولي الذي والى الله، وجعل الله له شأناً عنده، ولم يأمره أن يبلِّغ غيره، يعني نفسه وفقط.

لكن الولي المرشد الذي أمره الله سبحانه وتعالى أن يهدي غيره إلى الله، وهذا شرطه أن يكون معه البيان والحكمة والوراثة النبوية الكاملة، وأولها العلم الوهبي.

لكن الولي عليه بنفسه فقط، وليس له شأنٌ بغيره، ولذلك من الذي نتوجه إليه، ونعرف أن الله خصَّنا بعنايته؟ الولي المرشد، والولي المرشد يعني مأذون من الله ورسوله لإرشاد الخلق والأخذ بأيديهم إلى طريق الحق سبحانه وتعالى.

ولذلك الناس الطيبين كثيرين في الدنيا، ولكنه طيب لنفسه، لكن إذا قلت له وجهني أو ارشدني يقول لك: لا أعرف، لأنها ليست وظيفته، فمن الذي أذهب إليه؟ الذي مُنح الإرشاد، ومعه من الله تعالى الإمداد، ومن الحبيب صلى الله عليه وسلَّم نظرات القرب والوداد، فهذ الذي يقوم بالرسالة كما ينبغي، لأن الله كلَّفه بذلك.

سيدي أبو الحسن الشاذلي تجلى عليه الله وقال له: انزل اهد الناس إلينا، وهكذا.

سيدي أحمد البدوي جاءه الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وقال له: اذهب إلى طنطدا في مصر فإن لك بها حالاً، وستربي بها أربعين رجلاً، فلان وفلان وفلان.

وهكذا، كلهم مشوا على هذا النسق، لأنهم جاءهم إذن من رسول الله صلى الله عليه وسلَّم: ” وَدَاعِيًا إِلَى الله بِإِذْنِهِ ” (46الأحزاب) لا بد أن يكون معه إذن من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلَّم.

السؤال الثالث: ما صحة حديث: من زار قبر الحسين بعد مماتي.

من أين أتوا بهذا الحديث؟! لا يوجد حديث بهذا النص، فسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخبر أين سيكون قبر الحسين، وهل قبر الحسين الذي في كربلاء؟ أم الذي في دمشق؟ أم الذي في القاهرة؟ فعندنا ثلاث أضرحة للحسين، واحد في كربلاء وواحد في دمشق وواحد في القاهرة، وربما غيرهم.

فكل هذه الأحاديث موضوعة، لأن الشيعة وضعوا أحاديث كثيرة في سيدنا الحسين، وسيدنا الإمام علي، والسيدة فاطمة، لأنهم يتشيَّعوا لهم.

فهم لم يضعوا أحاديث في الحسن، وتمسكوا بأحاديث للحسين فقط، لأن الموضوع أصلاً سياسي، وليس تدين ولا غيره.

السؤال الرابع: ما دلائل معرفة الله عز وجل؟

معرفة الله يعني معرفة أسمائه وصفاته، لكن معرفة ذاته كما قال عمر رضي الله عنه: (كل الناس حمقى في ذات الله) فالله لا يُكَيَّف ولا يُحيز:

بلا كم ولا كيفٍ ولكن

بأنوار تعالت معنوية

لكن نعرفه بأسمائه وصفاته، بتجليات أسمائه وصفاته في الآفاق، وهذه معرفة العارفين، أو نعرفه في مظاهر صُنعه وإبداع قدرته، وهذه ما نسميها بالآيات الدالة على قدرة الله، وهذا للكل، للعلماء والحكماء والمتفكرين.

فنعرف الآيات، والصنعة تدل على الصانع، والأثر يدل على المسير، فنعرفه من خلال صنعته وأنها تدل على تمام قدرته تبارك وتعالى.

كما ذكرنا قبل ذلك أن الإنسان فيه روح، والدليل على ذلك أنه حي ويتحرك ويروح ويأتي، لكن أين الروح؟ وما هيئتها؟! وعرفنا الخصائص التي يكتسبها الإنسان لوجود الروح، لكن الروح نفسها من الذي يستطيع أن يراها؟ لا أحد.

وكذلك بالنسبة لذات الله سبحانه وتعالى: ” فَانْظُرْ إِلَى آَثَارِ رَحْمَةِ اللهِ كَيْفَ يُحْيِي الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ” (50الروم) وهكذا: ” وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالارْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ ” (105يوسف) نعرفه أيضاً من الآيات المنبثة في الآفاق: ” سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ” (53فصلت) هذه دلائل معرفة الله عن طريق دلائل قدرته، وعظيم صنعته سبحانه وتعالى.

السؤال الخامس: كيف يضمن الإنسان حسن الخاتمة مع الله عز وجل؟

إذا ابتعد عن الكبائر كلها، وحافظ على الأوامر التي أمره الله بها وأولها الفرائض المفترضة، فإذا حافظ على الأوامر وانتهى عن الكبائر يضمن الله له حُسن الختام.

والشيء الذي لا يُؤمن معه حسن الخاتمة إذا وقع الإنسان في كبيرة من الكبائر ولم يتب منها.

إنسان مثلاً عاق لوالديه، وهما غير راضين عنه، وظل هكذا حتى مات وهما غير راضين عنه، فهذا لا يؤمن عليه من سوء الخاتمة، لأنه وقع في كبيرة من الكبائر.

أو آخر يشرب الخمر، ولا يريد أن يتوب منها، ومصر على شربها إلى أن يموت فهذا يُختم له بسوء الخاتمة.

أو يتعامل مع الناس بالربا، ويُصر على أنها معاملة طيبة وليست حرام حتى يلقى الله، فما حكم هذا؟ سوء الخاتمة.

أو يشهد شهادة زور، ومصِّر على أن يشهد شهادة زور في أي موضع وفي أي مكان، فهذا أيضاً سبب سوء الخاتمة.

أو أكل أموال اليتامى ظلماً ولم يرجع لهم أموالهم، فهذا أيضاً نبشره بسوء خاتمة، وهكذا فكل من يمارس كبيرة من الكبائر ولم يتب منها قبل موته، فهذا لا يؤمن عليه من سوء الخاتمة.

أو من ترك ما أمره به الله من الفرائض حتى ولو كسلاً أو تهاوناً بها، ولا يقوم بها أبداً، وهو مسلم بالاسم، ولم يدخل المسجد إلا مرة واحدة وهو محمول على الخشبة، ليصلوا عليه، فهذا يُخشى عليه من سوء الخاتمة.

أو جاء رمضان وصحته جيدة، ولكنه كل سنة يُفطر عامداً متعمداً أمام زوجته وأولاده، وقد يكون أمام الآخرين أيضاً ويباهي بالفطر، قال صلى الله عليه وسلَّم:

{ كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ }[1]

يعني يجاهر بمعصية الله سبحانه وتعالى، فهولاء كلهم لهم سوء الخاتمة.

لكن ما دام الإنسان قائم بفرائض الله كما ينبغي، ويبتعد عن المعاصي وخاصة الكبائر التي تهوي بصاحبها في النار، فهذا نضمن له حُسن الخاتمة يوم يلقى الله سبحانه وتعالى إن شاء الله.

السؤال السادس: كيف أمنع نفسي من الذنوب؟

قال صلى الله عليه وسلَّم:

{ أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ }[2]

وكان يوصي سيدنا معاذ بن جبل، وأخذ بلسانه وقال له:

{ كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فَقَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟! }[3]

ما الذي يُدخل الإنسان جهنم؟ لسانه، لماذا؟ لأن ذنوب الإنسان صنفين، ذنوب بين الإنسان وبين الله، وهي التي ربما يعفو عنها الله ويغفرها له، وذنوب بينه وبين الناس، وهي التي لا يتم العفو عنها إلا بإذن من صاحبها.

أنا تكلمت في حق إنسان بالغيبة، فهذا ذنب في حق عبد من عباد الله، فهل لو تبت يتوب الله عليَّ من هذا الذنب؟ لا، إلا لو أن هذا العبد سامحني.

ولو سببت إنسان وجرحته أمام الآخرين وأحرجته، فهل لو تبت وحججتُ، فهل الحج يمحو هذا الذنب؟ لا، لا بد لهذا الشخص نفسه أن يسامحني حتى يقبل الله التوبة.

فالمصيبة الكبرى هي حقوق العباد، وحقوق العباد أغلبها من النساء، وأحياناً تكون حقوق مالية، ومعظم المسلمين ألسنتهم ليس فيها فرامل، فالمفروض أن لسان المؤمن به فرامل حتى لا يأتي يوم القيامة ويقول: ” وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ ” (45المدثر) يعني لا يكون مع هؤلاء الذين يخوضون في فلان، وفي عرض فلان، لكن أمسك عليك لسانك، فيمسك لسانه ويعمل بقول الحبيب صلى الله عليه وسلَّم:

{ رَحِمَ اللَّهُ عَبْدًا تَكَلَّمَ فَغَنِمَ، أَوْ سَكَتَ فَسَلِمَ }[4]

السؤال السادس: كيف يتجمَّل المؤمن بجمال العبودية؟

هذا يعتمد على جهاده، فينظر إلى أسماء الله ويتجمل بأضدادها، الله عزيز فيكون بين يدي الله ذليلاً، وليس بين يدي الناس، الله غني، فيدخل على الله فقير، الله عليم، فيدخل على الله جاهل أو جهول، وهكذا.

فيتحلى بأضداد الصفات الإلهية في مواجهة الحضرة الربانية، ولكن ليس مع الناس، فيكون مع الناس في عزة: ” وَلله الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ” (8المنافقون).

قد يتجمل بهذه الصفات مع الصالحين والعارفين لأن الله قال: ” فَسَوْفَ يَأْتِي الله بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ ” (54المائدة) فهؤلاء تجملوا بأسماء الله سبحانه وتعالى الحُسنى، فنحن أيضاً نتواضع معهم ونتجمل بهذه الأسماء التي ظهرت فيهم، لما تجملوا به من أسماء الله تبارك وتعالى الحسنى.

وصلى الله وسلَّم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم

[1] البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه

[2] جامع الترمذي ومسند أحمد عن عقبة بن عامر رضي الله عنه

[3] جامع الترمذي وابن ماجة عن معاذ بن جبل رضي الله عنه

[4] شعب الإيمان للبيهقي ومسند الشهاب  

المقطم – مجمع الفائزين الخيري
11 من رجب 1441هـ 6/3/2020م

Fawzyabuzeid - Copyright 2023. Designed by Fawzyabuzeid