• Sunrise At: 6:06 AM
  • Sunset At: 6:03 PM

Sermon Details

7 ديسمبر 2012 م

ما حكم الدين فى شراء الملابس الباهظة الثمن وفى فساتين الزفاف التى تكلف ألاف الريالات ولا تلبس إلا مرة واحدة؟

.

شارك الموضوع لمن تحب

************************************

الإسراف في الملبس

سؤال: أمي تأتي بثيابِها من الخارج، ويتكلف الفستان الواحد عدة آلاف من الريالات، فهل هذا إسراف؟ وما حكم شراء فستان الزفاف بآلاف الريالات ولا يُلبس إلا ليلة واحدة؟

===============================

يقول الله عزَّ وجلَّ: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا [67الفرقان]. قال صلى الله عليه وسلم في الأمر الجامع في هذا الشأن: { كُلُوا، وَاشْرَبُوا، وَتَصَدَّقُوا وَالْبَسُوا، فِي غَيْرِ مَخِيلَةٍ، وَلا سَرَفٍ } (ابن ماجة والنسائي والإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو).

والنبيُّ صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث يظهر لنا صدق فراسته، ودقة بصيرته في تشخيص هذا الأمر، فالإنسان الذي يُسرف في الزِّيّ واللبس، أو في الأكل يعود لأمرين: إما لكثرة الإنفاق بالمال، ويريد أن يُنفق منه حتى لا يكون مثل غيره من الفقراء، أو لأن عنده رغبة في المباهاة والزهو على غيره – وهي الخيلاء، فإذا صنعت ثوباً بآلاف الجنيهات للمباهاة والفخر والخيلاء فهذا يقول فيه الله أيضاً: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ [18لقمانفَنَهى الله عزَّ وجلَّ عن ذلك، كما نَهى الحبيب صلى الله عليه وسلم عنه.

إذاً علينا أن نلزم الوسطية، والوسطية أن نراعي الحكمة التي من أجلها نصنع الشيء، نحن نأكل ونصنع الطعام الذي به المواد الغذائية التي يحتاج إليها الإنسان ولا يستطيع أن يستغني عنها، واللبس لستر العورات وإظهار المرء في مظهر فيه عزٌّ وتكريم للإنسان، والإنسان يزهو بخُلُقه ولا يزهو بثوبه، ويزهو بفعله ولا يزهو بقوله، لأنه يجب أن يكون الإنسان في المقام الأول بأخلاقه وأوصافه التي يتخلق بها بأخلاق الله، أو بأخلاق كتاب الله، أو بأخلاق سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أما في الثياب فعليه ألا يتغالى فيه، لأن الإسلام نهى عن المغالاة في الرياش والزي والثياب، والذي يصنع ذلك ولا حاجة له – ضرورية – في ذلك، يدخل في بند الإسراف وبند التبذير، والتبذير نهى عنه الله وقال: ﴿ إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ [27الإسراءوقال في المسرفين: ﴿ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [141الأنعام]. والدافع الذي يدفع الناس إلى ذلك أنهم يظنون أنهم أحرار فيما اكتسبته أيديهم من أموالهم ويصنعون بها ما يشاءون!!

لكن المؤمن يتربَّى على أن المال مال الله، سلَّمه له الله يُنفق منه بحساب على ضرورياته التي لا يستغني عنها، وما زاد عن ذلك يردُّه إلى الله في عمل خير، أو في عمل برّ، أو في إنفاق على الفقراء، أو في إنفاق على المساكين، أو مشروعات خيرية، وهذا حال المؤمن مع الله، والمؤمن دائماً يرن في أذنيه قول مولاه: ﴿آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ [7الحديد]. فالمال مال الله، وأنا خليفة عن الله، وأمين مخازن لهذا المال الذي خَوَلَنِيهِ الله، وأمين المخازن لا ينفق إلا في البنود التي أباحتها له شريعة الله – في كتاب الله وفي سُنة رسول الله – التي لا غنى له عنها، والباقي يُدخله في: ﴿وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلاً [46الكهف].

ولذا أمرنا الله وأمرنا رسوله بالوسطية في الإنفاق: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾. [143البقرة]. الوسطية في الطعام، والوسطية في اللبس، والوسطية في الأثاث والرياش، والوسطية في المكتب، والوسطية في اقتناء السيارات، الوسطية في أي أمر من الأمور هي الأمر الذي اختاره لنا الله، وكان عليه وأمرنا به سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ومن هنا نقول فيمن تشتري ثوباً للزفاف يُكلف آلافاً مؤلفة ولا حاجة لها به: هي أمام أمرين: إما أن تؤجِّر ثوباً للزفاف يكون مناسباً لها يؤدي الغاية ثم تردُّه، أو تشتري ثوباً يليق بها ويكون ملائماً لأقرانها ثم تتصدق به إلى جهة من جهات الخير والبرِّ من المؤسسات التي ترعي الفتيات ليلبسونه في حفلات الزفاف، لأنهن غير قادرات، لو اختارت هذا أو ذاك فهو الصواب.

لكن إذا لبسته مرة ثم ركنته في الأثاث، ماذا تصنع به؟! وماذا تفعل به؟! وماذا تقول لله عزَّ وجلَّ عن المال الذي أنفقته فيه؟! كل مال يُسأل عنه الإنسان من أين اكتسبته؟ وفيما أنفقته؟ المسلم دائماً وأبداً يجعل نفسه أميناً على المال الذي خوَّله له الله، والمال مال الله، لذا لا يُنفق منه إلا بما يُرضي الله، ولذا لو أنفق هذا المال في الذنوب والآثام يحاسبه عليه الله.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحلقة الثامنة من برنامج أسئلة حائرة وإجابات شافية لفتاوى فورية المعادي 23 من محرم 1434هـ 7/12/2012م

Fawzyabuzeid - Copyright 2023. Designed by Fawzyabuzeid