لِمَ لا نُيسِّر الزواج؟! لماذا التشدد في مسائل ليست من دين الله عزَّ وجلَّ؟!
لماذا نُكبِّد الرجل الذي سيتزوج، ونُكبِّد أبو الزوجة ما لا يستطيع تحمله؟
لماذا لا نُيسِّر هذا الأمر ونسير على شرع الله عزَّ وجلَّ؟!.
إحدى صحابيات رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان صلى الله عليه وسلم يحبها، إسمها أم سليم، وهي أم سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه، جاء لها رجل إسمه أبو طلحه ليخطبها، وكان مازال مشركاً، وكانت عاقلة وحكيمة فقالت له: أنا موافقة، ولكن هل تستطيع على مهري؟ فقال لها: ما مهرك؟ فقالت له مهري هو (لا اله الا الله محمد رسول الله)!!قال لها: أفكر ثم أرد عليك، فذهب وفكر وقدر ثم رجع وقال لها: أنا موافق، فقالت: على بركه الله، ثم قالت لأنسوكان عمره عشر سنين، أي ما زال طفلا: زَوِّج عمك طليحه، أي أنها وكَّلت إبنها أنس في عقد الزواج وهو طفل ابن عشرة سنوات.
وعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: {أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم امْرَأَةٌ، فَقَالَتْ: إِنَّهَا قَدْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَا لِي فِي النِّسَاءِ مِنْ حَاجَةٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: زَوِّجْنِيهَا، قَالَ: أَعْطِهَا ثَوْبًا، قَالَ: لا أَجِدُ، قَالَ: أَعْطِهَا وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، فَاعْتَلَّ لَهُ، فَقَالَ: مَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ؟ قَالَ: كَذَا وَكَذَا. قَالَ: فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ} (البخاري ومسلم وسنن الترمذي).
هذا منهج النبيِّ الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم: { أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُنَّ صَدَاقًا} (الحاكم في المستدرك وسنن اليهقي عن عائشة رضي الله عنها).
ليتنا نتفق مع بعضنا ونتعاهد كما حدث مع أهل قرية الكلح في البوصيليه بأسوان بالصعيد منذ عدة سنوات، حيث اتفق رؤساء العائلاتعلى أن الشَبْكة تقتصر على دبلتين، ولا توجد حفلات، لأن هذه الحفلات مكلِّفة ولا فائدة منها، والوليمة وتكون على قدر الاستطاعة، سيدنا رسول الله كانت ولائمه حسب الاستطاعة، فمرة تكون لبن، ومره يحضر لهم بعض التمر، فمن ليس عنده استطاعة ليس عليه وليمة: ﴿لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا﴾.[286البقرة].
واتفقوا كذلك على ألا يزيد الجهاز على حجرتين متوسطتين، حجرة نوم وحجرة جلوس متوسطة، والأجهزة التي لا غنى عنها، ولو نظرنا نجد أننا كلنا قمنا بالتجديد في حياتنا، وكلنا اشترينا الأجهزة التي نحتاجها بعد الزواج.
لا نريد أن نضيق على أنفسنا عند الزواج، لا نضيق على الأب بالنسبة للولد، أو الأب بالنسبة للبنت، ونحمِّله بما لا طاقه له به، ونجبره أن يشتري الأجهزة بالقسط، وكلنا يعلم أن القسط أعباء، إذا كانت السلعة بألفين جنيه يشتريها بالقسط بأربعة آلاف جنيه، هذا هو الذي يحدث الآن، فأصبح هَمٌ عليه ودَين، والدَيْن همٌ بالليل ومذلَّة بالنهار، وقد يموت وعليه هذا الدَيْن، وقد قال صلى الله عليه وسلم لرجل مات أخوه وعليه دَيْن: {إِنَّ أَخَاكَ مَحْبُوسٌ بِدَيْنِهِ، فَاذْهَبْ فَاقْضِ عَنْهُ} (مسند الإمام أحمد وابن أبي شيبة وسنن ابن ماجة عن سعد بن الأطول رضي الله عنه).
أمر آخر ينظر له الناس في الزواج، وهو لابد من الشهادات، لكن الشهادات تتوقف على العمل الذي سيعمل به الإنسان بهذه الشهادة، لو شخص حاصل على دبلوم ولديه عمل يدر عليه ألفين جنيهاً شهرياً، وآخر لديه ماجستير أو دكتوراه ويحصل في الشهر على خمسمائة جنيه، أيهما أفضل؟ الأفضل الذي يستطيع أن يكفي المرأة، ويكفل لها ما تحتاج إليه. والبعض يقف عند هذا الأمر!! لكن والحمد لله هناك الكثير الذي تخلص من هذه القضية، فهناك من يكون حاصلاً على الإعدادية ويتزوج بنت حاصلة على كلية، لأن الأهم في الشخص خُلُقه ودينه ورزقه الذي سيكفيها ويكفلها به، فلا نتوقف على الشهادات في هذا الباب.
وهناك من لا يريد للبنت أن تتزوج خارج العائلة، ولا الولد يتزوج بعيد عن العائلة، لماذا؟! مع أن الخبر الوارد الذي اشتهر بأنه حديث ولكنه من كلام العرب: {اغترِبُوا لا تُضْووا}.
ونحن نرى ذلك في زراعاتنا، التقاوي إذا لم أغيرها خلال أربع أو خمس سنين تضعف، ولا بد من تقاوي جديدة، فإذا كان الزواج من قرابة قريبة – وظهر ذلك في الدراسات الحديثة – فكل الصفات الضعيفة التي في الزوج، والصفات الضعيفة التي بالزوجة تأتي في الأولاد!! وعلى النقيض إذا كان الزوجان غريبان، فكل الصفات القوية التي بالزوج والصفات القوية التي بالزوجة تأتى في الأولاد.
ولقد أخبرنا المولى عزَّ وجلَّ فقال: ﴿ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾[13الحجرات]، للتعارف!! فالعائلة الواحدة يعرف بعضهم بعضاً، لكن هل هناك مانع أن نعرف عائلة أخرى؟! لا، وبدلاً من أن نكون عائلة واحدة نصبح عائلتين، لتصير بيننا مودة. ولذلك نريد لهذا الأمر أن ينتهي، ننتهي من العصبية، وننتهي من الشكليات في الشهادات، ونيسِّر الزواج حتى يقضي الله عزَّ وجلَّعلى العنوسة في مجتمعنا بين الفتيات.
********************
الحلقة السادسة عشر من برنامج أسئلة حائرة وإجابات شافية لفتاوى فورية
المسجد العتيق – طفنيس – الأقصر 20 من ربيع الأول 1434هـ الموافق 1/2/2013م