Sermon Details

13 أبريل 2015 م
ما معنى قوله تعالى: (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاء إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ) (5السجدة)؟
الفتاوى
*******************************
ما معنى قوله تعالى: (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاء إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ) (5السجدة)؟
———
هذا علم التدبير، التدبير الإلهي والتقدير الرباني؛ جعل الله عزَّ وجلَّ لكل كائن في الوجود أرزاقاً إلهية؛ منها الحسية، ومنها المعنوية، ومنها الباطنية. هذه الأرزاق أصلها كلها في السماء: (وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ) (22الذاريات) ثم تنزل في عالم الأسباب إلى الأرض لتجري في سبب تصل به إلى مَنْ قدَّر الله عزَّ وجلَّ أن تصل له.
دورة الأسباب هذه هي التي بها ينال الإنسان رزقه؛ إن كان من الغذاء، أو من الهواء، أو من الضياء، أو من النَفَس، أو غيرها من الأرزاق التي لا عدَّ لها ولا حدَّ لها، مَنْ الذي يدبرها؟ الله.
مَن الذي يدبر الهواء لجميع الكائنات؟ هل هناك وزارات معنية لتدبير الهواء؟!!، الذي يدبر لك الهواء ويأتيك به في أي مكان تتحرك فيه وتذهب إليه هو الله عزَّ وجلَّ، والذي يُدبر الضياء لجميع الكائنات هو الله عزَّ وجلَّ.
هذه التدابير العلية التي لا شركة فيها لأي قدرة غير القدرة الإلهية، قال الله فيها: (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاء إِلَى الْأَرْضِ). وبعدما ينزل إلى الأرض يحاسبك على ما عملت به، ماذا فعلت في هذا النَفَس؟ ماذا فعلت في هذا الطعام؟ ويرجع إليه، وبين هذا وذاك: (ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ) (5السجدة)، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلا وَلَهُ بَابَانِ بَابٌ يَصْعَدُ مِنْهُ عَمَلُهُ، وَبَابٌ يَنْزِلُ مِنْهُ رِزْقُهُ)[1].
إذا كان رجلاً صالحاً فعند موته تبكي هذه الأبواب المتصلة بين السماء والأرض، وكذلك موضع سجوده وتسبيحه. وإذا كان جاحداً أو منكراً أو فاسداً: (فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالْأَرْضُ) (29الدخان).
وهناك تفسير علمي لهذه الآية ذكره الدكتور منصور محمد حسب النبي في كتابه (الكون والإعجاز العلمي للقرآن) حيث يقول:
-
أ- قوله تعالى: (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاء إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ) (5السجدة) وقوله سبحانه: (وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ) (47الحج) – تعبير قرآني عن الحد الأقصى للسرعة الكونية المطلقة الثابتة الدائمة في هذا الكون، والتي لا يتوقف مقدارها على حركة الراصد أو المصدر، وهذا يؤكد المبدأ الرئيسي للنسبية الخاصة إذ ثبت حسابياً أن السرعة المشار إليها في الآيتين هي سرعة الضوء.
-
ب- الوصف القرآني بتحرك الأمر الكوني بالعروج يشير إلى المبدأ الرئيسي للنسبية العامة التي تصف الحركة في الكون بالعروج في مسارات منحنية، فالضوء أيضاً والكون كله بما فيه من زمان ومكان ومادة وطاقة في حالة انحناء وعروج، فالمعارج تملأ الكون تعبيراً عن السجود لله مصداقاً لقوله تعالى: (مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ) (3المعارج).
-
ت- إن آيتي السجدة 5، والحج 47 تسمحان لنا علمياً بحساب الحد الأقصى للسرعة الكونية المطلقة طبقاً للمعادلة القرآنية التالية، والمستنتجة من النص الشريف للآيتين، والتي أقرَّها من الناحية الشرعية مؤتمر مكة المكرمة[2] (1410هـ): (المسافة التي يقطعها الأمر الكوني بالسرعة القصوى في السماء في زمن قدره يوم أرضي واحد تساوي تماماً المسافة التي يقطعها القمر في فلكه الخاص حول الأرض في زمن قدره ألف سنة قمرية).