• Sunrise At: 6:06 AM
  • Sunset At: 6:03 PM

Sermon Details

6 فبراير 2016

منزلة النبوة_سورة الأعراف 199

منزلة النبوة_سورة الأعراف 199

شارك الموضوع لمن تحب

             

      فضيلة الشيخ فوزي  محمد أيو زيد     

منزلة النبوة   سورة الأعراف 199

بسم الله الرحمن الرحيم:

الحمد لله الذي أنعم علينا وجعلنا أهلاً للجلوس بين يديه على مائدة القرآن، وفتح آذان قلوبنا بفضله ومنَّه فجعل فيها نوراً من عنده نستشعر به عظمة القرآن ومعاني القرآن، فله الشكر وله الحمد وله الثناء الحسن الجميل.

والصلاة والسلام على من اصطفاه الله ورقاه وجعله البيان العملي في الحياة لما جاء في كتاب الله، سيدنا محمد صاحب الهدي الإلهي والنور الرباني والبيان الزكي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وكل تقيٍّ تبعه على هذا المنهاج فاجعلنا منهم أجمعين في الدنيا ويوم الدين آمين يا رب العالمين.

أيها الأحبة جماعة المؤمنين:

كلنا والحمد لله نندرك تمام الإدراك أننا للدنيا مفارقون وعن قريبٍ أو بعيدٍ إلى الله راحلون، وبين يديه عز وجل يوم الدين واقفون، وكل رجلٍ منا يحاول أن يكون له مقامٌ كريمٍ عند الكريم عز وجل.

نريد عندما نذهب إلى هناك نكون ممن يُنادى علينا:

“فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ” (89) (الواقعة).

اللهم اجعلنا أجمعين من أهل هذه الآية وخُصّنا بهذه العناية، أنا أريد أن أكون مع هؤلاء القوم، فعندنا في شرع الله طريقين:

طريقٌ للعمل بما جاء به الحبيب ووصفه لأصحابه بلسانه المبارك، ومن يمشي على هذا الطريق يكون من أهل اليمين إن شاء الله.

وطريقٌ للعمل كما كان عليه الحبيب يحتاج إلى العزيمة الفتيِّة والهمة المضيِّة، لأنه كما وُصف صلى الله عليه وسلَّم في قول صحبه الكرام:

[كان يأمرنا بالأخَّف ويأخذ نفسه بالأشَّد].

فكان يخفف عليهم ويأخذ نفسه بالأشد، فمن يمشي على ما قال فيا هناه ويكون من أهل اليمين.

ولكن من يمشي على حالته ويستحضر هيئته ويصحبه صلى الله عليه وسلَّم كأنه يراه ويجعله شمساً مشرقةً في قلبه يتمثله في كل عملٍ يتوجَّه به إلى حضرة الله فهذا يكون في المقام الأعلى، وهذا ما قال لنا فيه الله:

“لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ”

لمن؟

“لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ

الله أولاً، وما دليله وما برهانه؟

“وَذَكَرَ الله كَثِيرًا” (21الأحزاب).

هل عرفنا يا أحبة الفرق بين المقامين؟

فمن يريد أن يكون في المقام الأعلى والدرجة الأرقى والمنزلة الأسمى ويكون يوم القيامة له منابر من النور قدام عرش الرحمن، ويُضيئ حُسن عمله الصالح الذي عمله في الدنيا مشرقاً في وجهه لأهل الموقف كما تضيئ الشمس لأهل الدنيا، فماذا يعمل؟

ننظر إلى الآيات التي في كتاب الله، والتي أوصى بها الله حبيبه ومصطفاه ليمشي على هداها، آيات في كتاب الله ربنا يقول لنا فيها كلنا:

“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا” (41الأحزاب).

وهذا خطاب خاص لحضرة النبي صلى الله عليه وسلَّم، من الذي يمشي عليه؟ الخواص الذين يريدون أن يكونوا من أهل الإختصاص، ويدخلون في قول الله:

“مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله وَالَّذِينَ مَعَهُ” (29الفتح).

معه في المنزلة ومعه في الدرجة ومعه في الآخرة ومعه في الجنة ومعه في الدنيا بقلوبهم وأرواحهم وشفافيتهم، وهو صلى الله عليه وسلَّم معه بعطاءاته وهباته وإمداداته التي ستمدها من حضرة الله جل في علاه.

هذه الخصوصيات تحتاج لهذه الأشياء، والآية التي عندنا اليوم أو الآيات استمعنا إليها من سورة الأعراف تبين مقام حضرة النبي الذي أقامه فيه مولاه، وقال له:

“خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ” (199الأعراف).

عندما نزلت هذه الآيات قال سيدنا رسول الله لسيدنا جبريل:

(ما هذا يا أخي يا جبريل؟ قال: حتى أسأل ربي عز وجل، ذهب ثم عاد وقال له:

إن الله يامرك أن تصل من قطعك وأن تُعطي من حرمك وأن تعفو عمن ظلمك).

أظن أنه سهلٌ على كل واحد منا أن يصلي كل ليلة مائة أو ألف ركعة، وسهل عليه أن يصوم السنة كلها، ولكن ليس سهلاً عليه أن يتصف بخُلق من هذه الأخلاق، فهي حقيقة لماذا؟ لأن الطاعة التي يقوم بها لله عز وجل فيها رضا للنفس، نفسه تفرح أنها عملت كذا وكذا لله، وبعد قليل يحدث لها زهو وبعدها يحدث لها إعجاب أي يُعجب بنفسه ويقول: أنا أعمل كذا وكذا فمن مثلي؟ ويمكن الإعجاب والعياذ بالله يتحول إلى غرور، ويمكن البعض نتيجة الجهل كما قال شيخنا:

يظن أنه بالعبادات أصبح له حقٌ عند بارئ الأرض والسماوات عز وجل ويريد أجرته على هذا العمل الذي عمله لمولاه، ويطالب بهذا.

وأنتم قد سمعتم الحديث الذي قصَّه سيدنا رسول الله:

الرجل الذي كان في الأمم السابقة وجعله الله عز وجل في جزيرة وأجرى له عين ماء، وجعل بجوارها شجرة رمَّان تطرح كل طوال السنة، يتوضأ بالماء ويغتسل بالماء ويشرب من الماء، وآخر النهار تنزل له رمانة يُفطر عليها ويأكلها فتعطيه كل القيم الغذائية التي يحتاجها جسم الإنسان.

ويقوم الليل وجعله الله مُجاب الدعاء فطلب من الله عز وجل أن يقبضه وهو ساجد، فأجابه الله عز وجل إلى ذلك، وأطال الله عمره فعاش خمسمائة سنة على هذه الكيفية وعلى هذه الحالة، قائمٌ بالليل وصائمٌ بالنهار، لا معاصي ولا غفلة ولا فتن ولا شيئ من هذا القبيل.

سيدنا جبريل يحكي لحضرة النبي فيقول:

يا رسول الله إنا نمرُّ عليه عند نزولنا وعند صعودنا فنجد هذا الرجل موجود كما هو ساجد، ونجد في علم الله عز وجل أن الله يقول يوم القيامة:

(أدخلوا عبدي الجنة برحمتي، فيقول: بعملي يا رب ـ رأى العمل لأنه عمل ـ فيقول الله تعالى: أدخلوا عبدي الجنة برحمتي، فيقول: بعملي يا رب، فيقول الله: أدخلوا عبدي النار، فتأتي الزبانية تحتوشه فيستغيث بالله، فيقول الله تعالى لملائكته: ضعوا عمل الخمسمائة عام في كفَّة ـ من كفَّات الميزان الإلهي ـ وضعوا نعمة واحدة من نعمي عليه في الكفَّة الأخرى ـ نعمة واحدة فقط ـ ما هي؟ نعمة العين، هل يوجد أحدٌ منا أن يدفع فاتورتها؟ نحن نستغيث في هذه الأيام من فاتورة كهرباء البيوت، فمن الذي يستطيع دفع فاتورة الشمس؟ وهل يوجد نور كهرباء كنور الشمس؟ فكيف بفاتورة العين؟ من الذي يستطيع دفعها؟ قال صلى الله عليه وسلَّم:

(فوضعوا نعمة العين في كفَّة وعمل خمسمائة عامٍ في كفَّة، فرجحت كفَّة نعمة بصر العين على عمل خمسمائة عام).

فهي هكذا الحكاية فهذه سكة العبادة:

[إن لم يكن معها الحصون الإلهية والآداب المحمدية فربما تكون على أصحابها بلية].

فالعبادة تحتاج إلى الأدب، لكن الله عز وجل بين لنا كيف نصل إلى الدرجات الأرقي والأعلى والأسمى بما وصفه لحبيبه ومصطفاه صلى الله عليه وسلَّم:

“خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ” (199الأعراف).

فسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلَّم لما نزل عليه الأمين جبريل ببيان حضرة الجليل:

(صل من قطعك واعطي من حرمك واعفوا عمن ظلمك) ـ أدخل معه عليِّة الصحب المباركين وكان يهمس في آذانهم، فقال لسيدنا عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما:

(يا عبد الله إذا أردت أن تكون لك حُظوة كريمة عند الله: صل من قطعك واعطي من حرمك واعفُ عمن ظلمك).

فمن يريد أن يكون على هذا المنهج الكريم وعلى هذا المقام العظيم الذي اختاره الله عز وجل لحبيبه الرءوف الرحيم صلى الله عليه وسلَّم يتحسَّس على أخلاق حضرته ويراها ويحاول أن يمشي عليها في حياته.

فنحن كلنا نسمع عن أخلاق رسول الله ونحكي ونتكلم عن أخلاق رسول الله، لكن السعيد الذي يوفقه مولاه ليتخلق ولو بخلقٍ واحد من أخلاق رسول الله، فهي التي بها المنازل العُليا والدرجات الدانية عند رب البرية عز وجل.

والقرآن مليئٌ بذلك فمن يُرد أن يكون له درجة علية عند رب البرية فلابد أن يتخلص من الفظاظة والغلظة والقسوة والشدة على إخوانه المؤمنين، فكيف يكون على إخوانه المؤمنين؟ مثل الأصل الأعظم:

“بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ” (128البقرة).

كله رأفة ورحمة بالمؤمنين صلوات ربي وتسليماته عليه، فلابد أن يكون على هذه الأوصاف.

ولذلك أخبرنا صلى الله عليه وسلَّم عن أول فوج يدخل الجنة، من هو؟ قال:

(إذا كان يوم القيامة ينادي مناد الله عز وجل: أين أهل العفو ـ الذين كانوا يعفون عمن ظلمهم في الدنيا ـ فيقومون، فيكونون أول من يدخل الجنة ـ وفي رواية فيكونون أول طائفة تدخل الجنة).

وعندما قالت السيدة عائشة: يا رسول الله إذا رأيت ليلة القدر فماذا أقول؟ قال لها ـ سلِ الله العفو فقولي:

(اللهم إنك عفوٌّ كريم تحب العفو فاعفُ عنا).       

من يرد أن ربنا يعفو عنه فماذا يفعل؟ أن يعفو عن الناس.

ما المشاكل التي زادت الخلافات والإشكاليات بين المسلمين حالياً؟ أنه لا يوجد تسامح، ولا يوجد تصالح ولا يوجد عفو، وكل واحد متصلب الرأي ويريد أن يكون صاحب الحق ولو بالباطل، وهو الذي يظهر أمام الناس أنه المصيب ولو كان مخطئاً.

كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلَّم ورضوان الله عليهم أجمعين لم يكونوا بهذه الهيئة ولا بهذه الكيفية، كان ديدنهم العفو على الدوام وخاصة عن إخوانهم المؤمنين الذين يعايشونهم ويشاركونهم الحياة، ويتحركون بينهم وتختلط الأمور الدنيوية فيما بينهم، فيشترون منهم ويبيعون لهم، ويزوجوهم ويتزوجون منهم، وهل المعاملات تصِّح إلا بالعفو.

فلو كل واحد يحاسب أخاه حساباً شديداً فسنذهب إلى متاهات لا عدَّ لها ولا حدَّ لها:

خذ العفو ـ وخذ العفو معناها أن الله عز وجل جاد على حضرته وخلَّقه بجودة وفضله ورحمته بخلق العفو، خُلق إفاضة من الله ومنحة من الله وعطاء من الله جل في علاه، وبعد ذلك قال له: كن كما تسير:

وأمر بالعرف ـ تأمر الناس بما أنزله عليك رب الناس عز وجل من التشريعات الإلهية المنبثة في الآيات القرآنية والتي يتولى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلَّم إيضاحها بأقواله وأفعاله وأعماله لمن حوله صلوات ربي وتسليماته عليه.

فلابد للمؤمن الذي يريد هذا المقام أن يعمل بقول الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم السلام:

(الدين النصيحة، قيل: لمن هي يا رسول الله؟ قال: لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم).

لكن النصيحة بالطريقة الصحيحة، كيف؟ باللطف واللين.

ذهب رجلٌ إلى الخليفة العباسي المأمون وخاطبه بلهجة قوية وبشدة وغلظة في القول، والمأمون كان عالماً وكان حكيماً، فقال: يا هذا لقد أرسل الله ما هو خيرٌ منك، إلى من هو شرٌّ مني وقال لهما:

“فَقُولا لَهُ قَوْلا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى” (44طه).

هذا الكلام ربنا ـ وقاله لمن؟ لموسى وهارون الإثنين معاً، وأين ذهبا؟ لفرعون، ولذلك السادة الحكماء من علماء هذه الأمة ينحصوننا فيقولون:

[أخوك ولو أخطأ فليس شراً من أبي جهل، وأنت مهما أحسنت فلم تصل إلى ذرَّةٍ في جسد النبي، فقد تحمَّل النبي صلى الله عليه وسلَّم أبا جهل أفلا تتحمَّل أخيك المسلم].

موعظة تحتاج للين والشفقة والرحمة والحنان والعطف، إذا كانت موعظة عامة حضرة النبي قال: (لا تسمِّي) ـ أى لا تقُل: أن فلاناً عمل كذا لأنها فضيحة، والنصيحة على الملأ فضيحة، وكيف يفعل؟ يقول: ما بال أقوامٍ يفعلون كذا، وما بال أقوامٍ لا ينتهون عن كذا، فلا يذهب لأحدهم ويقول له: تعالى ماذا تفعل أنت أخطأت وفعلت كذا وكذا.

وإذا أخطأ شخصٌ فعلينا بالطريقة الصحيحة التي كان عليها الحسن والحسين أهل البيت رضوان الله تبارك وتعالى عنهم أجمعين، رأيا رجلاً لا يعرف كيف يتوضأ ـ فلو أحد شبابنا الأشداء رآه حالياً فسيُحدث معركة تحتاج لبلاغ إلى الشرطة، لأنه رجل لا يعرف كيف يتوضأ ـ لكنهما غير ذلك فاصطنعا أنهما على خلاف وقال أحدهما للآخر: أنا أتوضأ أحسن منك، والآخر يقول: أنا أتوضأ أحسن منك، فتحاكما للرجل، فقالا: تعالى يا عم واحكم بيننا أيُّنا يتوضأ أفضل من الآخر.

وانظر إلى الطريقة اللطيفة التي علمها لهم الرءوف الرحيم صلى الله عليه وسلَّم:

“ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ” (125النحل).

فلم يقل الموعظة أولاً، ولكنه قال: الحكمة أولاً، مع حتى الموعظة قال موعظة حسنة فلا تسيئ وتسبب إساءة، ولا تُسبب جرحاً في قلب إنسان أو جُرحاً في صدر إنسان.

فجاءوا بالماء وهذا توضأ وهذا توضأ فقال لهما: أنا المُخطئ، لأنه رأى وضوء هذا مشابه لوضوء الثاني تماماً بتمام.

فهذي النصيحة بالطريقة الصحيحة التي علمها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلَّم لصحبه الكرام.

لم يخرجا إلى الشارع ويقولا: إن الرجل لا يعرف كيف يتوضأ، وهل يوجد مسلم يُشنِّع على مسلم؟ فالمسلم مأمور بالستر:

 (من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة).

وكونه أنه يريد أن لا يعرف كيفية الوضوء، فهذا معناه أنه جاهلاً فنعلمه بالرفق وباللين ولا نفضحه، لأنه لو كان يعرف فكان فعل الصحيح من البداية، وكيف أعلمه؟ بالطريقة التي وصفها الله بالحكمة والموعظة الحسنة.

واحد من الجماعة السعوديين أرسل رسالة لإمام مسجد وقال له: أرجو أن تنشر هذه الرسالة في خطبة الجمعة للسامعين:

إبني كان عنده صدود عن الصلاة بالكلية وكلما أحاول إقناعه يهرب مني، فأخذته باللين وقلت له: أنا يا بني أسهو عن مواقيت الصلاة، فأريدك أن تضبتها لي وتنبهني عند كل ميعاد كل فريضة، تقول لي: الظهر اقترب، والعصر باقي له عشر دقائق، ففرح الولد ووجد لنفسه وظيفة طيبة تُرضي أباه، مشى على ذلك فترة، فقلت له: تأتي معي للمسجد، فاستقام على طاعة الله عز وجل.

فالأمور كلها تحتاج إلى اللين وقد قال صلى الله عليه وسلَّم:

(جرَّبت سيف الشدة واللين، فوجدتُ سيف اللين أقطع).

تريد لإبنك أن يكون مثلك فخذه معك، واحكي معه وقل له: تعال يا بني وتمشي معه وتحكي معه ولا مانع أن تضحك معه وتتنزل له لكي آخُذه إلى طريق الله جل في علاه.

لكن أعامله بالشدة وأقول له: لم لم تصلي وأضرب بالعصا، فسيكره الصلاة ويكره الدين، صحيح رسول الله قال:

(واضربوهم عليها لعشر).

ولكنه قال في الحديث الآخر:

(علِّق سوطك بحيث يراه أهل بيتك).

فلا تستخدمه ولكن أخِفْهُم فقط من بعيد، حتى لا يكرهك ويظل يحبك ويقبل على الله عز وجل بسببك.

تريد أن تضرب إتفق مع زوجتك: إذا ضربته تعالي وأمنعيني واجعليه يهرب، أو إضرب على الأرض من حوله ولا أضربه على جسمه لأنك ستتعب، فالأمور الحكمية التي كان ماشياً عليها سلفنا الصالح، ولذلك الأولاد كما قال رب العباد:

“إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى” (13الكهف).

وهكذا النصيحة لكل مسلم تحتاج للطريقى الحكمية الإلهية التي وضحها لنا في عمله وأحواله خير البرية، وسار عليها سلفنا الصالح إلى يومنا هذا وأنتم إن شاء الله ستطبقونها ومن بعدكم إلا يوم الدين.

ظهر واحد أثناء ما تدعو أو تنصح فاستهذأ أو سخر أو عرَّض ـ ربنا ماذا قال؟

“وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ” (199الأعراف).

وقد كثُروا في زماننا ويقول له: لم يبقى أحدٌ يصلي غيرك؟ وهل أنت الذي كذا وكذا وكذا، فمثل هذا يكون جاهلاً، والجاهل يحتاج أن أتوقف عنده ولا أناقشه ولا أحادثه وكأنني لم أسمع شيئاً وأعرض عنه كما رب العالمين عز وجل.

أو إذا كنت تريد أن تكلم فيكون كما ربنا قال في عباد الرحمن:

“وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا” (63الفرقان).

يعني يا رب سلمنا من هؤلاء الجماعة الذين يصيبنا من ألسنتهم وآذاهم، واجعلنا في حصون أمنك يا رب العلمين، فالأمة المحمدية حالياً تحتاج إلى هذه الوصايا الإلهية ليصلح الله أحوالنا لأننا أصبحنا في زمان إذا ناصح إنسان إنسان يقول له: وما شأنك بي؟

وهذا ليس دين الله، والمفروض أن يقول له: جزاك الله خيراً لما نصحتني بهذه النصيحة حتى ولو لم يعمل بها.

لكن الأمور تفاقمت فنحتاج إلى الرجوع مرةً ثانية للأخلاق المحمدية الإلهية التي ربنا سبحانه وتعالى أنزلها على خير البرية حتى نكون معه في الدرجات العُليا الوهبية يوم القيامة، ومن أهل جواره في الدرجات الجنانية أجمعين.

نسأل الله عز وجل أن يخلقنا بذلك وأن يجعلنا أهلاً لذلك، وأن يوصلنا بمنه وجوده وكرمه إلى ذلك، ونكتفي بذلك خوفاً من الإطالة والسأم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم 

 

فضيلة الشيخ فوزي  محمد أيو زيد             منزلة النبوة   سورة الأعراف 199

Fawzyabuzeid - Copyright 2023. Designed by Fawzyabuzeid