أهل السُنَّة والجماعة هم الذين يسيرون على ما قال فيه الله: ﴿وَكَذَلِكَجَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾[143البقرة].
على المنهج الوَسَطِي في الإيمان، وعلى المنهج الوسطي في العبادات، وعلى المنهج الوسطي في التشريعات، هؤلاء هم أهل السُنَّة والجماعة، وهو المذهب المعتمد في الأزهر الشريف، وما يتبعه من كليات ومعاهد دينية، وهو المذهب المعتمد في بلدنا مصر وغيرها من البلدان الإسلامية المعتدلة في تدُّينها، والخلاف بينهم وبين غيرهم خلاف في العقيدة.
مَن هو خارج أهل السُنَّة والجماعة؟ الذي يختلف معنا خلافاً في العقيدة، لكن الخلافات التي نراها فيما بيننا في بلدنا تكون في السنن والنوافل، وفي الأمور المستحبة، وفي الأمور الشرعية التي فيها أكثر من رأي وحكم ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه ليست الخلافات التي تؤدي إلى اختلاف بيننا وبينهم، ولذلك كل من في مصر إن كان رجال الأزهر، أو أنصار السُنَّة، أو العاملين بالجمعية الشرعية، أو غيرهم … كلهم أهل السُنَّة والجماعة، لأننا ملتزمين جميعاً بالمنهج الإسلامي في العقيدة والعبادات.
الذين خارج هذا المنهج كبعض الشيعة الذين لهم آراء في العقيدة تخالف آرائنا، كالرافضة الذين يسبون أصحاب حضرة النبي، ونحن نُجل أصحاب حضرة النبي، فهؤلاء خارج أهل السُنَّة والجماعة، أو الذين – والعياذ بالله – يسبون زوجة النبي السيدة عائشة رضي اللهعنها، وهم طائفة من الشيعة أيضاً، فهؤلاء خارج أهل السُنَّة والجماعة، لأن الخلاف خلاف في العقيدة.
أو الذين يختلفون معنا في أصول الفرائض كالبهائية والبابيَّة، فالبهائية غيَّروا صيام شهر رمضان وجعلوه صياماً في شهر مارس مع عيد النيروز أو عيد الربيع، وجعلوه تسعة عشر يوماً فقط!! هل هذا له نصيب من الصحة في الآيات القرآنية، أو الأفعال والأحاديث النبوية؟!! إذاً هذا خلاف جذري بيننا وبينهم، لأنه خلاف في أصل من أصول الشريعة المحمدية.
والبابيَّة يعتقدون أن الدين لم يتم، وأن بابهم هذا ينزل عليه الوحي وهو في مقام نبي، هذا يختلف مع: ﴿وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ﴾[40الأحزاب]. وهذا خلاف في أصل من الأصول.
وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:{ أَلا إِنَّ مَنْ قَبْلَكُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ افْتَرَقُوا عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، وَإِنَّ هَذِهِ الْمِلَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ: ثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ، وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَهِيَ الْجَمَاعَةُ } (سنن أبو داوود وابن ماجة ومسند الإمام أحمد). بعض الجهَّال جعلوا هذه الفرق الصوفية!!
لكن الصوفية وأنصار والسُنَّة والعاملين بالشريعة كلهم فرقة واحدة، لأنه لا يوجد بيننا خلاف في الأصول، والخلافات التي توجد تكون في الهوامش. هذا يريد أذاناً واحداً يوم الجمعة، وهذا يريد أذانين!! هذا يرى أنه ينبغي صلاة ركعتي سُنَّة بعد أذان الجمعة وهذا لا يرى ذلك. هذا يريد أن يُصلي التراويح عشرين ركعة وهذا يريد أن يصليها ثماني، صلاة التروايح سُنَّة، ولو تركها الإنسان كلها ليس عليه شيء!! إذاً كل هذه الخلافات في السنن، أو في الفروع أو في الهوامش.
لكن الفِرق التي ذكرها حضرة النبيِّ هي التي تختلف معنا في الأصول، كبعض الفرق الشِّيعة الضَّالة، والخوارج، والفرق التي استجدت في عصرنا كالبابيَّة والبهائية وغيرها، لأن هذه الفرق ضلَّتْ عن الأصول التي جاءت بها الشريعة المحمدية، ووضعوا أصولاً أخرى لهم يسيرون عليها.
فكل من يتفق معنا في الأصول، وإن اختلف معنا في الفروع فهم من أهل السُنة والجماعة، لكن الذين بيننا وبينهم خلاف – الذين يختلفون معنا – في أصول العقيدة، أو أصول العبادات، أو أصول التشريعات التي نزلت على سيِّد السادات صلى الله عليه وسلم، وهم الفرق الضالة، والحمد لله لا يوجد من الفرق الضالة في مصر إلا أفراداً قلائل، ولكن لا يوجد جماعات بالمعنى المتعارف.
*******************
الحلقة الرابعة من برنامج أسئلة حائرة وإجابات شافية لفتاوى فورية :