Sermon Details
نرجوا شرح قوله تعالى إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا؟
ABOUT SERMON:
السؤال الأول:
نرجوا شرح قول الله تعالى:
﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ ﴾ (24فاطر).
الجواب:
الله سبحانه وتعالى يبدأ الكلام بكلمة ﴿إنا﴾ وإنا حرف تأكيد وإذا أُضيف إليها الألف، يعني إنا حضرة الله بجميع أسمائنا وصفاتنا وجمالنا وجلالنا وكمالنا وكبريئانا أرسلناك، أرسلناك بالحق يعني بالدين الحق وهو دين الإسلام، لأن الدين عشند الله هو الإسلام طبقاً لقوله عز شأنه:
﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ الله الاسْلامُ ﴾ (19آل عمران).
وكل الأنبياء السابقين نزلوا بالإسلام، وإنما كان صلى الله عليه وسلَّم صاحب الشريعة الخاتمة وهو وحده الذي أتى بالإسلام كاملاً تاماً:
﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الاسْلامَ دِينًا ﴾ (3المائدة).
ولكن الرسل والأنبياء السابقين كان كل رجلٍ منهم ينزل بالإسلام، أو من الإسلام المناسب لقومه على حسب ثقافتهم، وعلى حسب بيئتهم، وعلى حسب الأمراض المعنوية والإجتماعية االمنتشرة بينهم، ولم يكمل الدين ويتم الدين إلا على يد أمير الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلَّم.
ولذلك يقول الله تبارك وتعالى عن أبي الأنبياء إبراهيم وأولاده الأنبياء:
﴿ وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ الله اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ (132البقرة).
إذاً الدين عند الله هو الإسلام.
أما التسميات التي سماها البشر فمغايرة لما وصف الله عز وجل به شرعه الذي أنزله على جميع الأنبياء، وعلى رسول الختام، فقال عن قومٍ:
﴿ الذين قالوا انا إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ ﴾ (156الأعراف).
هم الذين قالوا ولم يقُل الله تبارك وتعالى، وقال عن قومٍ آخرين:
﴿ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ﴾ (14المائدة).
هم أيضاً الذين وصفوا أنفسهم بالنصارى، نسبةً إلى الناصرة، واليهود من العودة فهُدنا يعني رجعنا إليك، فوصفوا أنفسهم باليهود لأنهم رجعوا إلى الله بعد العصيان، والآخرين نسبوا أنفسهم إلى الناصرة التي كانت مكان ميلاد عيسى نبي الله، عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام.
إذاً الدين الحق هو الإسلام، وفي ذلك يقول الإمام أبو العزائم رضي الله عنه وأرضاه:
الرسل من قبل الحبيب محمدٍ نوابه وهو الحبيب الهادي
موسى وعيسى والخليل وغيرهم يرجون منه نظرةً بوداد
رغبوا يكونوا أمةً لمحمدٍ وبفضله فازوا بكل مراد
وبمحكم القرآن عاهدهم له أن يؤمنوا بسراجه الوقاد
فالحق هو الدين الإسلامي، أو هو القرآن الكريم الذي:
﴿ لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ (42فصلت).
أو هما معاً، فالإسلام والقرآن قرينان لا يفترق أحدهما عن الآخر أبد الآبدين.
ما وظيفة النبوة التي كلفه الله بها في هذه الآية؟
التبشير والإنذار، بشيراً ونذيراً، يبشر المؤمنين الذين يصدقون برسالته ويؤمنون بشريعته ويتبعون هديه وسنته بما لهم عند الله تبارك وتعالى في الدنيا من تحقيق نصر الله لهم، وفضل الله الذي يخصهم به دون غيرهم، وفي الآخرة ما لهم عند الله من جنات النعيم، ومن صور وألوان التكريم، وأعلاها وأعظمها شأناً الفوز بجوار النبي الكريم في جنة النعيم.
ويُنزل الذين حادوا الله ورسوله وكفروا بدين الله، ولم يؤمنوا برسالات الله بما جهَّز الله لهم من العذاب في الحياة الدنيا، عذاب الإستئصال، أو عذاب المحق، أو عذابٌ من أنواع العذاب التي أنزلها الله على أقوام المرسلين نتيجة تكذيبهم لأنبيائهم.
﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا ﴾ (40العنكبوت).
كل قومٍ كان لهم عذاب، ولهم في الآخرة عذابٌ شديد لأن الله سبحانه وتعالى وضَّح لهم وبين لهم حقيقة كل أمر، ولكنهم مشوا على حسب أهوائهم أو أهواء كُبرائهم وضلوا السبيل، فكان ذلك لهم هذا العذاب الذي يحذرهم وينذرهم منه نبينا صلى الله عليه وسلَّم.
ثم يبين الله تبارك وتعالى أن لله الحجة البالغة على الخلق أجمعين، إن كانوا قبل رسالات السماء، أو بعد رسالات السماء، كانوا في بلدان قريبة من أصحاب الرسالات أو بعيدة، فإن الله عز وجل يُرسل لجميع الأقوام رسلاً مبشرين ومنذرين ليرجعوا إلى الله، ويؤمنوا بتوحيد الله تبارك وتعالى.
﴿ وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ ـ وامة يعني قوم ـ إِلا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ ﴾ (24فاطر).
يعني أرسل الله تبارك وتعالى فيها نذير يحذرهم وينذرهم من عذاب الله.
وليس شرط النذير أن يكون هنا في الآية النبي، فإن العقل الذي جعل الله عز وجل به ميزة الإنسان عن غيره من الكائنات، يدل دلالة واضحة وفيها إنذارٌ للإنسان على توحيد حضرة الرحمن تبارك وتعالى.
وكذلك لو تدبر الإنسان في نفسه، أو فيما حوله من الأكوان، ورأى ما يجريه الله عز وجل من الموت والحياة، ومن الأمور التي يعجز العقل ويعجز النقل ويعجز الفكر ويعجز العلم عن أيضاحها، كل هذه نذرٌ ينذر الله بها الكائنات، لئلا يكون للناس على الله حجة.
وصلى الله وسلَّم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم
الخميس: 2/9/2021 موافق 25 المحرم 1443 هـ – دار الصفا الجميزه