السؤال الرابع والعشرون: ورد في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهل مكة طلبوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية، فأراهم القمر شقين حتى رأوا حراء بينهما، وفي الرواية الأخرى: (انشق القمر ونحن مع النبي في مِنَىً، فذهبت فرقه نحو الجبل)، فهل هناك تعارضٌ بين الحديثين؟ وهل انشق القمر مرتين؟
———–
وردت رواية أن القمر انشق مرتين ولكنها روايةٌ ضعيفة، لكن انشق القمر في مكة بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفويض الله عزَّ وجلَّ بإذنه سبحانه وتعالى أن يُشير إليه فينشق، من كان بمكة رآه بمكة، ومن كان بمنى رآه بمنى، لأنهم عندما رأوه لم يصدقوا أنفسهم، فأغمضوا أعينهم ثم فتحوها فوجدوا الأمر على ما هو عليه، ورجعوا إلى بيوتهم ثم عادوا فوجدوا الأمر على ما هو عليه، ولشدة ظلمهم لأنفسهم قالوا: إن هذا إلا سحرٌ يؤثر، فقال بعض العقلاء منهم: إن كان محمد سحركم في بلدكم هذا فلن يستطيع أن يسحر الآفاق، فانتظروا حتى يأتي المسافرون، فلما جاء المسافرون وسألوهم عن هذه الليلة ذكروا أنهم رأوه وقد انشق نصفين.
وأيضاً زيادة في الإيضاح كان المسافرون في هذه الليلة يسافرون إلى الشام أو إلى بلاد اليمن أو إلى بلاد العراق، وكلها في نطاقٍ واحدٍ، مع أنه لم يكن كُشفت الأمريكتين وهي تختلف في ليلها ونهارها عن هذه البقعة الفريدة من الأرض، لأنه ربما يقول إنسان سُفسطائي: أن القمر يظهر في نصف الأرض ولا يظهر في النصف الآخر، النصف الآخر لم يكن عرف في ذلك الوقت ولم يكن أُكتشف، ولكنهم رأوه في النصف الذي كانوا فيه وهي الكرة الأرضية القديمة، لأن رحلاتهم كانت رحلة الشتاء إلى بلاد اليمن، ورحلة الصيف إلى بلاد الشام، وبعضهم كان يذهب إلى العراق وكانوا لا يتجاوزون هذه البلدان وكلها تقع في نطاقٍ فلكيٍ واحد، ويظهر القمر فيها جميعاً في أوقاتٍ متقاربة، ربما لا تكون واحدة لاختلاف المطالع ولكن تكون واحدة.
