• Sunrise At: 6:06 AM
  • Sunset At: 6:03 PM

Sermon Details

19 سبتمبر 1991

هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا

إقرأ الموضوع

شارك الموضوع لمن تحب

…………………………………………………………………………………………

الموضوع :  من الحقائق المحمدية النورانية

ماهى العبرة التى نأخذها بمناسبة ذكرى ميلاد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلمّ ؟

العبرة بأن يولد فى قلب كلٌ منا صورة حيّة لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلمّ، فإذا إشتاق الإنسان منا إلى رسول الله وزاد هذا الشوق وقوى ذاك الغرام، انزل رسول الله من عليائه وكبريائه فأضاء فى أفق هذا القلب صورة نورانية .

هذه الصورة النورانية تُحيى هذا الهيكل وهذا الجسم، تُحيى كل حقائقك وتُحيى كل مافيك من موات وتجعلك حيّاً يقول فيك الله عزوجلّ :

﴿ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا (الأنعام:122)  ويقول فيه الله عزوجلّ :

﴿ لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا (فاطر:70) هذه الحياة يا إخوانى هى بدء الحياة الإحسانية، فالحياة التى نحياها الآن كلنا والحمد لله ــ إسمها الحياة الإيمانية، فأحياناً الحياة الإيمانية ــ ولأننا لا نُطيع الله ونفعل ما امرنا به الله وننتهى عما نهانا عنه الله ــ فعندها تظهر صُورة من صُوَرِهِ صلى الله عليه وسلمّ النورانية فى أفق قلبك .. متى تلمع ؟ ومتى تظهر ؟

بعد ان يطهر القلب ويصفُو من الأغيار ومن الأقذار ومن الحقاد ومن الحساد ومن الغيظ ومن البغض، ويكون قلباً لا يحمل إلا إلا كل خير لجميع الكائنات، ولا ينبع منه إلا كلب محبّة لجميع المخلوقات .. فى هذه الآونة تثولد الصورة لامحمدية او الصورة الأحمدية فى ذاتك وفى قلبك وفى فؤادك، هذه الصورة تُحيى القلب كله وتُحيى الجسم وتُحيى النفس وتُحيى العقل، وتُحيى الروح بنور رسول الله صلى الله عليه وسلمّ الذى يقول فيه الإمام أبو العزائم رضى الله عنه وارضاه :

فنقطة نورٍ منه تُحيى قلوبنا     فكيف إذا ماكنت بحراً وانجُماً

فنقطة واحدة تُحيى القلوب فكيف بالذى هو بحر من نور رسول الله صلى الله عليه وسلمّ ؟ فنحن محتاجون إلى نقطة واحدة فقط تتولد فى أرض قلوبنا وتظهر بها الصورة فى أفق القلب، وعندما تظهر الصورة المحمدية ستكون هى الآمرة الناهية، وهى التى تأمر الجوارح وهى التى تنهاها وهى التى تفتح العقل أمام المعلومات الرحمانية، وهى التى تسُدّ أبواب العقل أمام المعلومات الظلمانية والشهوانية .

وهى التى تفتح آفاق الروح لتأخذ بيد الإنسان إلى الفتوح، وهى التى تفتح أمام الإنسان الجمالات والكمالات حتى يظلّ يدخل إلى هذه الكمالات ويكون من اهل الجمالات الإلهية .. وهذه إسمها الصورة المحمدية والتى نحن كلنا محتاجون انها تُولد فينا .. كيف تأتى هذه الصورة ؟

بعد العشق والهيام والغرام فى ذات رسول الله صلى الله عليه وسلمّ، عشقٌ يملك على الإنسان كل مشاعره وكل أحاسيسه ويسكن فى كل جوارحه حتى ينام الإنسان وليس فى فكره ولا فى خاطره ولا فى فؤاده إلا النبى العدنان صلى الله عليه وسلمّ، ويقوم من نومه وليس فى ذهنه ولا فى مخيلته ولا فى أى حقيقته من حقائقه إلا تذكار النبى العدنان صلى الله عليه وسلمّ .

يمشى فى عالم الدنيا وهو يتخيّل تلك الملامح ويستحضر تلك الصفات، ويترسّم خُطى سيد السادات ويحاول ان يكون صورة صغيرة جداً من ذاته الشريفة صلى الله عليه وسلمّ فى حركاته وسكناته واخلاقه ومعاملاته حتى إذا جاء ليأكل يراه فى أكله، وإذا شرب يراه فى شربه وإذا نام يراه فى نومه، وإذا قام يراه فى قيامه .. يكون صلى الله عليه وسلمّ هو المسيطر عليه فى منامه وفى يقظته ..

فى هذه الحالة تنزّل الصورة المحمدية وتُفاض على القلوب العاشقين هذه الصورة الرحمانية، وهذه الصورة الرحمانية، وهذه الصورة التى تنزل فى فؤاده يحفظ من الوساوس الشيطانية ومن النزعات النفسانية ومن الأهواء الإبليسية ويأخذ الوسام الذى يقول فيه الرحمن :

﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ (الحجر:42) لأنهم أصبحوا عبيداً لمن ؟ للسلطان الأعظم عزوجلّ، فالذين خُتموا بسلطان الله، وسلطان رسول رسول الله .. هل يستطيع الشيطان ان ينزغ لهم ؟ او يوسوس لهم ؟ أو يُسوّل لهم ؟ لا والله :

﴿ أُولَئِكَ لَهُمُ الامْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (الأنعام:82) على الفور لهم الأمن، وكذلك يظلوّا مهتدين على الدوام إن شاء الله .. فأنت لن تاخذ الأمن والأمان ولا تضمن الحفظ من وساوس الشيطان وهمسات النفس والرجس إلا بعد ميلاد الصورة المحمدية فى فؤادك وفى قلبك، ولديها تقول كما قال الإمام أبو العزائم رضى الله عنه وأرضاه :

فتارة انا مخمورٌ أراك أنا    وتارة أنا عبدٌ ذاتُه مُحِقت

لأنه أصبحت الصورة فى قلبه :

لست المغنى بقولى      إلا إذا الفؤد املى

أغيب عنى وامــــــلـى      لمن بسـرى تحلىّ

هذا يا إخوانى هو الميلاد الذى نحن كلنا محتاجون إليه، وفى هذا الوقت الجسم كله ومملكتك كلها تُقيم إحتفالاً بميلاد رسول الله صلىّ الله عليه وسلمّ يليق بهذه العظمة، هذا الإحتفال يكون عبارة عن ماذا ؟ كيف يكون النزوع الكلى إلى الحضرة الإلهية ؟ والخروج بالكلية وإنسلاخ البشرية ــ مع بقائها ــ من العوالم الدنيوية ؟ ومن الأهواء والأرجاس الشيطانية ويكون العبد عبداً روحانياً يقوم لله ؟ ويتحرك بالله ويسكن بالله ويمشى بالله وينطق بالله ويقول الله الله الله ؟ ثم انشد الشيخ :

يا نور وجه حبيبى    اشرقت للتقـــريب

نور وجه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلمّ والذى قال لنا عنه الإمام أبو العزائم رضى الله عنه وارضاه، لم يقل : يا وجه حبيبى حتى لا يسبق إلى العقول والأذهان أنه يقصد الوجه الحسّى، لكنه قال : يا نور وجه حبيبى، ووجه الحبيب صلى الله عليه وسلمّ أيضاً ليس هذا الذى فيه العينان والأنف والفم واللسان، لا .. إنما وجه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلمّ هو المظهر الذى يظهر فيه جمالات الله وكملات الله وحُسن صفات الله عزوجلّ .

فسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلمّ يا إخوانى حقائقه الظاهرة والباطنة لا نستطيع عدّها ولا حصرها، يكفى ان تعلموا جميعاً ان كل كمال من كمالاته صلى الله عليه وسلمّ حتى الكمالات الظاهرة فى النباتات والجمالات الظاهرة فى الحشرات والإضاءة الخافتة أو الباهتة او المشعة فى الكواكب والنجوم السيارات، كل تلك الإشراقات من وجه رسول الله صلى الله عليه وسلمّ .

ووجه رسول الله صلى الله عليه وسلمّ يعنى وجه الرسالة والنبوة هو هذا الوجه الذى يواجهنا به، لكن وجه العبدية فيواجه الربوبية .. وإنتبهوا معى جيداً :

ليس له وجهاً واحداً، بل له وجوهٌ كثيرة :

فوجه العبدية وهذا يقابل به الذات العليّة .. عبداً .. وكان دائماً يتغنّى بانه عبداً ويقول : ( انا عبد الله ورسوله ولن يُضيّعنى الله أبداً ) .. و( هذا من عبد الله ورسوله ) .. فوجه العبودية لله يظهر فيه التواضع، ويظهر فيه المسكنة ويظهرفيه الإنكسار ويظهر فيه الخشوع ويظهر فيه الخضوع ويظهر فيه الإخبات ويظهر فيه الإنابة لله عزوجلّ .

وهذا الوجه هو الذى يستطيع أن يدخل به على حضرة الله حتى يفيض علينا الله بعض ما أفاض به على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلمّ، فمن يريد أن يواجه الله فيواجهه الله، بماذا يواجهه الله ؟ يواجهه بالعبدية وبثوب العبدية، يُوجّه وجهه إلى الله وقلبه مملوءٌ بالإنكسار ومملوءٌ بالإفتقار ومملوءٌ بالرهبوت ومملوء بالخوف من الجلال .

لأن الجمال قد يجعل الإنسان ينبسط  وإذا إنبسط ربما يتعرّض لسوء الأدب فيُعاقب، لكن طبيعة الجلال تجعل الإنسان فيه خشية وفيه مسكنة .

هذا هو الوجه الذى نستطيع به أن ندخل على الله عزوجلّ فيواجهنا بما يواجه به رسول الله صلى الله عليه وسلمّ فيفتح لنا كنوز الغفار، ويفتح لنا كنوز التواب، ويفتح لنا كنوز العفو، ويفتح لنا كنوز الفتاح، ويفتح لنا كنوز العليم، ويفتح لنا لنا كنوز الحكيم، ويفتح لنا كنوز الأسماء والصفات الإلهية كلها .. وهذه هى بعض الكنوز التى يواجه بها الله عزوجلّ عباده الصالحين وأولياءه المقربين .

أما وجه رسول الله صلى الله عليه وسلمّ الذى يواجهنا به فهو وجه الرسالة .. التبليغ .. التبشير .. الإنذار للكفار والعصاة والفجار .. الحكمة والموعظة الحسنة .. الكلمة الطيبة .. التفصيل والتوضيح والشرح والتدريس .. فهذا هو الوجه وهو وجه الرسالة الذى واجهنا به ولا يزال يواجهنا به رسول الله صلى الله عليه وسلمّ :

﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله وَالَّذِينَ مَعَهُ ( الفتح:29 ) ولم يقل : محمد نبى الله، لأننا ليس لنا شأن بوجه النبوة، فهذا وجهٌ آخر وهو وجه النبوة، وهذا يواجه به الأنبياء السابقين والرسل السابقين، فكان يواجهم بوجه النبوة .

وجه النبوة هوأن يواجههم بالأقدار ويواجههم بالإلهامات ويواجههم بالفيوضات ويواجهم بالمعجزات ويواجههم بالتأييد والنصرة ويواجههم بإذلال العُصاة والجاحدين والكفرة ويواجههم بجمع شملهم على حضرة الله، ويواجههم بأشياء لا يعلمها ولا يُحيط بها إلا رسول الله وانبياء الله السابقين .. هذا هو وجه النبوة  .. أما ما نحن فيه فلنا وجه الرسالة .

أما الملائكة فيواجههم صلى الله عليه وسلمّ بوجه الجمال لأنه صلى الله عليه وسلمّ هو الجمال الذى أبداه الله عزوجلّ لهم فأمنوا به من بعد طول مشاهدتهم لمقامات الجلال، وكان الملائكة قبل ظهور ذاته الشريفة يواجهون ذات الله عزوجلّ بجلالها وكبريائها، فمنهم من هو فى كربٍ منذ أن خلقه الله عزوجلّ فلذلك سُمّوا بالكروبين من شدة كربهم وخوفهم من الله عزوجلّ، ومنهم من هو فى رُعبٍ مُنذ أن خلقه الله ولذلك يتجهمون ولا بتسمون .

وعندما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلمّ إمامهم وزعيمهم مالك عليه السلام رآه متجهمّ الوجه فتعجّب صلى الله عليه وسلمّ كيف يتجهّم فى حضرته وهو الذى يتبسّم الجميع حتى الجمادات بطلعته صلى الله عليه وسلمّ، فقال له سيدنا جبريل عليه السلام :

[ لا تؤاخذه ولا تُعنّفه يا رسول الله فلو ضحك لأحد قبلك لضحك لك ] .

هؤلاء الملائكة على إختلاف أصنافهم وأشكالهم ونعوتهم كانوا ولا يزالون فى شدّة الخوف من ربهم حتى واجههم الله عزوجلّ بوجه حبيبه صلى الله عليه وسلمّ، واجههم بوجهه الجميل، واظهر لهم جمالاته الإلهية، وإكرامه الربانى، وكشف له ولهم عن بعض رحمته الواسعة فأمنوا وإطمأنوا وأبشروا وبشّروا بعد ان رأوا وجه رسول الله صلى الله عليه وسلمّ الجميل فى ليلة الإسراء أو قبلها او بعدها .

ووجه آخر يواجه به رسول الله صلى الله عليه وسلمّ جنة عدن، ووجه يواجه به جنة الفردوس، ووجه يواجه به جنة الخُلد .. كل جنة من الجنان يواجهها صلى الله عليه وسلمّ بوجه يُظهر فيه وعليه الله عزوجلّ الجمالات والكمالات التى يريد ان تكون على مثالها هذه الجنان فيراه الملائكة المكلفين بهذه الجنة، فينسجون على منوال ذاته الشريفة ويصنعون على مثال صفاته المنيفة التى تظهر لهم فى هذا الوجه الذى يكشفه لهم الله عزوجلّ .

وجوه كثيرة وكلها مظاهر يظهر فيها المصطفى صلى الله عليه وسلمّ، فيظهر لكل قوم بما يلائمهم وما يناسبهم من الأحوال العلية والأسرار الربانية والخلاق الرحمانية، فهذا الإمام أبو العزائم رضى الله عنه وارضاه طالب رسول الله صلى الله عليه وسلمّ وهو يخاطبه أن يُشرق عليه بوجهه النورانى :

يا نور وجه حبيبى    أشــرقت للتقريب

الوجه النورانى إذا واجه المصطفى صلى الله عليه وسلمّ به إنسان ظلمانى مثلى فإنه يُبدّل أخلاقه الفاسدة بأخلاق نبوية وكمالات إلهية، لأنه ووجه بالأنوار القدسية فى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلمّ، وهذا هو الوجه الذى أمر به الله حبيبه ومصطفاه ان يصلىّ به علي عباده الصالحين .

﴿ هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ (الأحزاب:43) لقد ذكر الله عزوجلّ أنه يصلى، وقال سبحانه وتعالى :

﴿ الله وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ( البقرة:257 ) فالله يخرج المؤمنين أجمعين من ظلمات الكفر وظلمات الجحود وظلمات النكران وظلمات الشك إلى نور الإيمان الصحيح وإلى نور التوحيد وإلى نور اليقين وإلى نور الهداية .. لكن المؤمنين الذين يرتقون درجات عن هؤلاء المؤمنين الصادقين وهم الذين يصلىّ عليهم فى مقام المواجهة ك

﴿ هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ (الأحزاب:43) فى مقام المواجهة، اما الآية السابقة :

﴿ الله وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ( البقرة:257 ) وهنا الإخراج فى مقام الغيبة، لأنهم لا يُحسون ولا يشعرون ولا يكونون بهذا الإخراج فى مقام الغيبة لأنهم لا يحسون ولا يشعرون ولا يدركون بهذا الإخراج، وإن كان يظهر حاله عليهم بعد ذلك فى افعالهم وفى خصالهم وفى أحوالهم، ولكن فى هذه الصلاة الأخرى يكونون فى حالة المواجهة ويشعرون بها، ويتأهبون لها ويستعدّون لها ويشعرون بكل ما تقدّم يتم عليهم فى احوالهم الروحانية فى خلالها أو بعدها :

﴿ هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ (الأحزاب:43) والهوية لا نستطيع أن نتحدّث عنها فى هذا المقام، لكن رمزها هو المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتمّ السلام، فإنه هو الذى جعله الله سبحانه وتعالى برزخاً بين حضرته وبين جميع الكائنات والمخلوقات، فعندما قال :

وهو : ﴿ الظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ (الحديد:3) فإن الله عزوجلّ ليس له أوليّة وليس له آخرية وبطونه هو عين ظهوره، وظهوره هو عين بطونه عزوجلّ، ولكنه أشار إلى الذات المحمدية فهو الأول فى مقامات القرب من الله، وهو الآخر فى مقامات الشفاعة والوصل من الله، وهو الظاهر للسابقين واللاحقين ليستمدوا منه أنوار حضرة الله، وهو الآخر فى الظهور فى الدنيا لأنه هو الخاتم صلوات الله وسلامه عليه فهو : هو الذى يصلىّ عليكم فى مقام التربية المحمدية وفى مقام الرسالة النبوية ليخركم من الظلمات إلى النور، والظلمات هنا هى ظلمات الأغيار، وظلمات الأرجاس وظلمات الأدناس وظلمات الذنوب وظلمات العيوب .

هذه الظلمات ينقلنا منها رسول الله صلى الله عليه وسلمّ إلى نور اليقين وإلى نور الإحسان وإلى نور الشهود والعيان، وإلى نور العلم الربانى وإلى نور الكشف الروحانى حتى نصير كما قال الله عزوجلّ :

﴿ تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا (الأحزاب:44) فنسمع التحية من السلام ونردّ السلام على السلام عزوجلّ بعد إخراج المصطفى صلى الله عليه وسلمّ لنا من ظلمات إلى النور .

فصلاة منه وبه عليـهـــــــــــــــــــــم      اخرجتهم فضـتلاً من الظلمات

قبلة العارفين حال الصــــلاة       وجه مولى منزها عن جهات

وهم قبلة له إذ يصــــــــــــــــــــلى        بحنان عليهم للنجـــــــــــــــــــــــــــــــاة

فصلاً منه وبه عليتهـــــــــــــــــم       أخرجتهم فضـــلاً من لظلمات

من الذى نورٌ القلب وبيّض القلب واخرج ما فيه من الظلمات ؟ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلمّ هو النور الذى يصطفيه الحبيب ليُشرق فى قلب كل قريب فى زمانه وعصره وأوانه، هذا النور يشرق على القلوب أولاً بنور العلم الإلهى فينقلهم من العلم الكسبى إلى العلم الوهبى، ثم ينقلهم إلى النور الإلهى فبعد ان كانوا ينظرون بعيون الرؤوس ينظرون بعيون الأسرار، فيرون بعد ذلك ما لا عين رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشر .

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلمّ

…………………………………………………………………………..

المــــــكان : المهندسين ــ مسجد الأنوار القدسية             م . ( 303 )
التاريـــــخ : الخميس 19/9/1991 موافق 10 ربيع أول 1411 هـ

Fawzyabuzeid - Copyright 2023. Designed by Fawzyabuzeid